سافيا في بغداد.. مهمة غامضة
مجيد الكفائي
يُثير الحضور المفاجئ للمبعوث الأمريكي مارك سافيا في العراق موجة من التساؤلات، خصوصًا أنه جاء بتكليف مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبصورة منفصلة عن القنوات الدبلوماسية التقليدية المتمثلة بالسفارة الأمريكية. فظهور سافيا في هذا الظرف السياسي الحساس، قبيل الانتخابات العراقية، يدفع المراقبين للتساؤل عن طبيعة مهمته الحقيقية ومدى تأثيرها في المشهد السياسي العراقي.. وتذهب بعض التحليلات السياسية إلى أن مهمة سافيا قد تتضمن الإشراف على مسار تشكيل الحكومة المقبلة، أو التوسط بين القوى السياسية لاختيار رئيس وزراء توافقي، أو حتى متابعة التطورات السياسية عن قرب. إلا أن ما يبدو شبه محسوم هو أن واشنطن لن تقبل بأي مرشح لرئاسة الوزراء ما لم يُبدِ استعدادًا واضحًا للتجاوب مع الشروط الأمريكية، وهي شروط باتت معلومة لدى معظم الأطراف العراقية.. وتشير مصادر سياسية إلى أن غالبية الكتل تُبدي مرونة في التعامل مع هذه الشروط، لكنها تسعى إلى تنفيذها وفق رؤيتها الخاصة وبالوتيرة التي تخدم مصالحها. وهنا يبرز سؤال مهم: هل ستنجح هذه القوى في إقناع سافيا بمقارباتها؟ وهل سيقبل المبعوث الأمريكي بتأجيلات أو تعديلات على التوقيتات التي يطرحها؟
مراقبون يرون أن لدى سافيا مهمة وشروط محددة، وأن أي شخصية تُكلّف بتشكيل الحكومة لن تتمكن من إنجاز مهامها ما لم تقدّم جدولًا زمنيًا واضحًا لتنفيذها. وفي حال عدم الالتزام بذلك، قد تشهد العلاقات العراقية–الأمريكية توترًا ينعكس سلبًا على الوضع السياسي العام.
وبالتوازي مع ذلك، يمثل سافيا مصالح الإدارة الأمريكية وحلفاء آخرين، من بينهم بريطانيا، الذين يحرصون على استقرار العراق وقدرته على إنتاج سلام داخلي وإقليمي. فاستمرار الاضطرابات في العراق يهدد مباشرة مصالح هذه الدول، في وقت لم يعد يحتمل المزيد من الخلافات والمفاوضات الطويلة.. ومع اقتراب المرحلة المقبلة، يُتوقع دخول أطراف جديدة إلى ساحة التفاوض، حيث ستشهد البلاد جولات حوارية مكثفة لاختيار رئيس وزراء جديد يتوافق مع المصالح الإستراتيجية التي تراقبها بعض الدول بدقة شديدة.