فاروق هلال .. ماذا بعد الوصية الأخيرة؟
ساجدة الموسوي
كلما كتب وصيته عاندته المنية وأعطته مدداً كأنها تقول له « أصبر لترى وتسمع ما يسعدك وأنت في آخر عمرك .. سترى محبة الناس لك ووفاءهم لما أنجزت وما قدمت خلال ما مضى من حياتك ).
بعد الوصية الأولى رأى كيف ضجت قاعة المسرح الوطني بمحبيه وهو يغني ( بلادي ) والحاضرون يغنون معه ، كانت تلك مفاجأة الفنان الموسيقار علاء مجيد وفرقته التراثية حين أمسك بيد فاروق هلال وقدمه للجمهور ثم أجلسه ليغني متجاوزاً نحوله وآثار الجلطة التي أتعبته .. قال عن ذلك الموقف النبيل للموسقار علاء مجيد وفرقته وجمهوره أنه أسعد يومٍ في حياته .. ثم بكى من الفرح .
وليس بعيداً عندما كتب وصيته للمرة الثانية ونشرتها (الزمان) ، منحته المنيةُ فرصةً أخرى ليسمع المزيد من محبة العراقيين له .. محبتهم التي تتجلى في رعايته وتأمين ما يحتاجه في هذا العمر دون طلبٍ منه أو رجاء فكبرياؤه أسمى من أي طلبٍ أو رجاء .ومما أثلج قلبه أن الطالبة سماح قحطان خلف قد أنجزت رسالة الماجستير عن تجربته الفنية وستناقش في كلية الفنون الجميلة / قسم الموسيقى / جامعة بغداد تحت عنوان (الخصائص اللحنية والإيقاعية في أعمال الفنان فاروق هلال ) .
اتصل بي وهو يشعر بالزهو لخبر يحمل كل معاني الوفاء .. ، اتصلتُ بالطالبة سماح وطلبت رؤيتها في اختيارها لهذا الموضوع فقالت :
« إن اهتمامي بتجربة الفنان فاروق هلال الفنية والموسيقية اهتمامٌ نابعُ عن تساؤل ٍوفضول عن سبب تميّز هذا الفنان عن أقرانه في الوقت الذي خبت فيه نجومية الغالبية العظمى من الملحنين والفنانين من معاصريه ، والسبب الثاني هو اتفاق عدد كبير من المختصين الموسيقيين والفنانين باعتبار الفنان فاروق هلال فنان معاصر ومجدد في ألحانه وأعماله مع عدم التخلي عن التراث الذي اعتاد المستمع العراقي على سماعه وتشبع به لكي يبقى قريباً من جمهوره ، وكذلك مواكبته وعدم خوفه من تغيّر ذائقة الأجيال ، فظلَّ محبوباً وقريباً من كل الأعمار والفئات ، كما أنه تعامل مع التكنالوجيا وتطوراتها فواكبها مدركاً لكل آليات التلحين الحديثة وقادراً على التعامل معها بالرغم من وعكاته الصحية وكبر سنه . الخبر الثاني الذي أسعد الفنان فاروق هلال وأسعد محبيه بالطبع هو إصدار الباحث زيدان الربيعي كتاباً عن الفنان فاروق هلال وعنوانه (فاروق هلال النهر النغمي الثالث ) وتم توقيع هذا الكتاب في حفل كبير اقامته منظمة نخيل عراقي في مقرها في الوزيرية ، كما كان حفلاً لتكريم الموسيقار الرائد فاروق هلال بحضور يليق بهذه القامة الفارعة في وطنيتها وعطائها الفني وخلقها النبيل .
فشكراً لكلِّ من يقدّر العمل الجميل ويرفع مكانــــــــــــة المبدع الأصيل في حياته لا بعد مماته.