الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هدية ترمب الغزَّاوية  تكتمل ﺑ (فلسطين دولة)

بواسطة azzaman

هدية ترمب الغزَّاوية  تكتمل ﺑ (فلسطين دولة)

فؤاد مطر

 

الآن وقد أهدى الرئيس دونالد ترمب إلى السلام متأخراً «هديته» الغزَّاوية فيما كان نتنياهو ما زال ينفِّذ ما زال يحلم تنفيذه إجتياحاً مقروناً بالتدمير ومواصلة التجويع لإحتلال القطاع مع إطلالات يومية على جنوب لبنان وبقاعه أكثرها شراسة العدوان  صباح يوم السبت 11. 1. 2025 أي قبْل يومين من زيارة الرئيس ترمب لتدشين عملية السلام التي تكتمل بإستقرار لبنان وقيام الدولة الفلسطينية...

الآن وقد وفى ترمب بما تعهّّد به غزَّاوياً، بدا كثير الوضوح أن الذي فعله منذ عملية «حماس» يوم 7 تشرين الأول 2023 ليس من صُنعه وحدْه، وإنما بتزيين الفِعْل الإجرامي من قِبل اللوبي الصهيوني الذي ساحته الولايات المتحدة وتأثيراته واضحة على مؤسسات الحُكم وبالذات الكونغرس والقطاع الصناعي العسكري والمصارف الكبرى وقلاع الإعلام المكتوب والفضائي. وما يؤكد الإيحاء وإلى درجة هذا التكليف هو تعامُل إدارة الرئيس ترمب أحياناً مع العدوان الإسرائيلي الذي إستهدف الدوحة التي طالما كان ديوانها الأميري كما مؤسسة الدبلوماسية القَطَرية تشهد على مدى أسابيع جولات ساعات من التشاور ومحاولات من التوسط بين «حماس» والحُكم الإسرائيلي تساوى البذْل القَطَري لإنجاز الوساطة مع البذْل المصري ومرجعيتهما الترمبية إلى أن تَحقق المبتغى.

وبدَل أن يبعث نتنياهو رسالة مكتوبة بالعبرية والإنكليزية يعتذر فيها من دون تنميق عبارات، فإنه وبطلب من الرئيس ترمب إتصل برئيس الوزراء القَطَري الوسيط على مدى سنتين من أجْل صيغة حل تحفظ ماء وجوه الجميع. وهذا الطلب من جانب ترمب لكي يعتذر نتنياهو يدل على أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي أمر بالعدوان على الدوحة وأمضى بضع ساعات في غرفة العمليات للتأكد من أن تصفية  قادة «حماس» الذين كانوا المستضافين في رحاب أمير قطر الشيخ تميم قد تمت على النحو المرسوم، لم يكن في وارد الإعتذار. مِن هنا فإعتذاره الهاتفي كان أقبح من الذنب الذي إقترفه وعلى درجة ممقوتة من التعالي.

اتصالات وتصريحات

إلى ذلك وما تلا العدوان الصاعق على الدوحة من إتصالات وتصريحات كان أدلى بها الرئيس ترمب وترضيات نقَلها وزير خارجيته، يؤكد إحتماليْن: إما أن الإدارة الأميركية أحيطت بالعدوان الذي تم وأجازت تنفيذه، أو إنها أحيطت لكنها غير قادرة على منْعه بسبب ضغوط اللوبي الصهيوني المتعددة تأثيراته في المؤسسات الأميركية على نحو ما أشرنا في سطور سابقة. ستبقى علامات الإستفهام والتعجب ماثلة إلى حين.

والآن وبعدما  وفى الرئيس ترمب بما وعد به في ضوء مبادرته ذات العشرين بنداً، من دون التوقف الإسرائيلي عن العدوان على بلدات في جنوب لبنان، من المفيد الإضاءة على جزئية من الأحوال الإسرائيلية ما قبْل مباشرة إحتلال غزة وما بعد التنفيذ وكذلك العدوان على الدوحة كما لمسها كُتَّاب ومحللون في صحف وفضائيات إسرائيلية.

 في سياق مقال ﻟ جدعون ليفي في صحيفة «هارتس» عدد يوم الجمعة 29/ 8/ 2025) عما يفعله في بلوط قائد قيادة المنطقة الوسطى (معنى إسم عائلة بلوط بالألمانية «الدم») قال الكاتب:

«الآن يقوم جنرال الدم بتغيير وجْه الضفة الغربية وملامح الدولة الأخلاقية أيضاً. ربما سيعيَّن لاحقاً ليكون قائد الإبادة الجماعية التالية بعد غزة».

 حول المخاطر الإقتصادية والإجتماعية لإصرار نتنياهو على إحتلال غزة ذكَرها كرنيت فلوغ ويعقوب فرانكل في «يديعوت أحرونوت» يوم الأربعاء 20/ 8 /2025 في مقالة جاء فيها الآتي:

«حالياً، تواجه إسرائيل تحديات وجودية بأبعاد لم نعرفها من ذي قبْل؛ فلا يكاد يوجد مجال من مجالات الحياة غير مهدَّد، في وقت تزداد عزلة إسرائيل الدولية، ويزداد عمقاً الشرخ الداخلي الذي يمزق المجتمع الإسرائيلي من الداخل. على هذه الخلفية، فإن إحتلال قطاع غزة مع 2.2 مليون نسمة ليس مجرد خطوة إضافية في معركة طويلة ودامية، بل قد يشكِّل منعطفاً له عواقب وخيمة على مواطني إسرائيل، وعلى التضامن والتماسك الإجتماعي، وعلى الشعب اليهودي في الشتات. هذا كله، فضلاً عن الثمن الباهظ المتمثل في المخاطرة بحياة الجنود والمخطوفين».

 في صحيفة «هآرتس» عدد يوم 5 أيلول 2025 تحليل جاء فيه:

«السيطرة المباشرة على القطاع ليس ضماناً لإحباط الإرهاب. نمو حزب الله منذ حرب لبنان الأُولى دليل دامغ على بطلان نظرية السيطرة المباشرة. كذلك الأمر بالنسبة إلى الإحتلال الأميركي للعراق. السؤال الآن هو: كم سنة تستطيع إسرائيل تحمُّل عبء غزة قبْل أن تدرك أن غزة هي التي تضم إسرائيل إليها وليس العكس».

وفي صحيفة «يديعوت إسرائيل» مقالة  ﻟ أفي أشكينازي جاء فيها الآتي: «مِن الواضح أن موضوع الحسم مع «حماس» ليس أكثر من دعاية من بنات أفكار رئيس الحكومة نتنياهو. ولقد حان الوقت لكي تبلور إسرائيل إستراتيجيتها. ففي إسرائيل نضبت دموع الأمهات والآباء...».

ثمة دراسة من إعداد توم فيد لون وستيفن كارل (معهد دراسات الأمن القومي) جديرة بالتأمل في بعض الذي أحدثتْه عملية يوم 7 تشرين الأول 2023، ومن شأن التأمل إعتبار «حركة حماس» حالة نضالية وليست «إرهابية» على نحو ما يرِد في التصريحات الأميركية وكذلك على نحو ما يردد ذلك مسؤولون أميركان وأوروبيون بغرض ترويض نتنياهو.

مخطط نتنياهو

وفي الدراسة المشار إليها أرقام تفي بالإجابة عن بعض ما في مخطط نتنياهو الذي بحثَه مع الرئيس ترمب بأمل تدارُك ما هو أكثر حدة. وهذه الأرقام هي:

«في نهاية المطاف، وعلى الرغم من أن الإقتصاد الإسرائيلي يُظهر صموداً ملحوظاً، مقارنةً بحجم حدَث، مثْل حرب «السيوف الحديدية»، فإن للحرب تكاليف إقتصادية تراكمية مثيرة للقلق. ففي العاميْن الأخيرَيْن، سُجِّل إنخفاض واضح في النمو الإقتصادي، وفي الناتج المحلي للفرد، فتقلّص الدخل المتاح للأُسر، وسُجّل إرتفاع حاد في نسبة الديْن إلى الناتج. إن إستمرار الحرب في قطاع غزة وإحتلال مدينة غزة سيضيفان أعباءً مالية ضخمة إلى ميزانية الدولة، قد تُهدد إستقرار الإقتصاد وتقود إسرائيل إلى «عقْد ضائع» آخر.

«إلى جانب التكاليف المباشرة، من المرجَّح أن يؤدي إستمرار الحرب إلى تكاليف غير مباشرة، بينها فرْض عقوبات ومقاطعات على إسرائيل. فهناك اليوم دعوات إلى مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية في الخارج، وإلى فرْض عقوبات على شركات إسرائيلية. وبما أن الإقتصاد الإسرائيلي إقتصاد مفتوح يعتمد على التجارة الدولية، فإن المقاطَعات والعقوبات الإقتصادية (حتى لو لم تكن من دول، بل من شركات خاصة فقط) قد تُلحق ضرراً بالغاً بالقطاع التجاري، وخصوصاً بقطاع التكنولوجيا العالية. ونتيجةً لذلك، قد يختار بعض العاملين في هذا القطاع الهجرة إلى دول أُخرى. يوجد اليوم نحو 300 ألف عامل في قطاع التكنولوجيا العالية، وأي حجم كبير مِن هجرتهم سيكون كارثة للأجيال القادمة. إن هذا المسار بدأ فعلاً. فخلال الفترة 2013 – 2022، بلغ متوسط عدد المغادرين من إسرائيل نحو 35 ألف شخص سنوياً، بينما بلغ متوسط العائدين نحو 20 ألفاً سنوياً، أي إن ميزان الهجرة السلبي بلغ نحو 15 ألف شخص سنوياً. هذا الميزان السلبي تضاعفَ في سنة 2023، ليصل إلى نحو 30 ألف شخص. أمّا في سنة 2024، فقد تفاقم الوضع.

غادر 83 ألف إسرائيلي، في مقابل عودة 24 ألفاً فقط – أي ميزان هجرة سلبي يقارب الـ 60 ألف نسمة. ومن بين المغادرين، شكّل الأشخاص الذين تقِل أعمارهم عن 49 عاماً نحو 81بالمئة، وغالباً ما كانوا عائلات شابة تمثِّل شريحة منتِجة تعزز قوة إسرائيل، إقتصادياً وإجتماعياً وأمنياً».

عسى ولعل يشرق الإعتراف الأممي الرحب بضرورة قيام «الدولة الفلسطينية» في ضوء تنفيذ ما تم التوقيع على الحل الغزَّاوي في قمة شرم الشيخ يوم الإثنين 13 تشرين الأول 2025 وقبْل ذلك التوافق عليه في قمة الدوحة يوم الثلاثاء 17 أيلول 2025 (القمة العربية – الإسلامية والقمة الخليجية) والمبادرة السعودية – الفرنسية وكذلك في ضوء بدء تنفيذ مبادرة ترمب العشرينية متمثلاً ﺑ «الهدية الغزَّاوية». بذلك تشرق شمس تباشير الصحوة ليبدأ السير ومن دون صراعات على صراط مستقيم.


مشاهدات 58
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/10/17 - 10:34 PM
آخر تحديث 2025/10/18 - 4:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 192 الشهر 11722 الكلي 12151577
الوقت الآن
السبت 2025/10/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير