هزيمة بطعم النصر والعكس صحيح
فاتح عبد السلام
قوانين الحروب الثابتة منذ اول الخليقة، تقع في الجمل الآتية: لكل حرب بداية ونهاية مهما طال زمن القتال.
في كل حرب منتصر ومهزوم في الواقع الفعلي، وهناك منتصر ومهزوم في الواقع الافتراضي، أي يمكن انّ حربا طويلة جدا امتدت ثماني سنوات بين ايران والعراق -1980-1988- انتهت بشعارات وتظاهرات شعبية في الشوارع من الجانبين بأن كل منهما حقق انتصاراً برغم ملايين الأرواح التي زهقت او خرجت من مشوار الحياة والعمل، ولعل ان يشهد الطرفان نهاية للحرب اليائسة كان يمثل فرح الانتصار الذاتي.
وحرب إسرائيل وإيران في خلال اثني عشر يوماً في الصيف الأخير، جعلت الجانبين يخرجان ببيانات انتصر من وجهتي نظر مختلفتين.
اليوم، الحرب المكتسحة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، من الممكن ان تشهد اعلان ذات الشعارات حول الانتصار، وعدم قبول أي طرف فلسطيني اعلان هزيمته بالرغم من انّ الضحايا فاق عددهم ستة وستين ألف انسان معظمهم أطفال ونساء. كما انّ إسرائيل ستفعل ذات الشيء، وهي التي خسرت المعركة الإعلامية في الغرب بسبب ردها المفرط في القتل ضد المدنيين رداً على ما حدث في السابع من أكتوبر.
من يمكنه ان يتحمل قرار قبول الهزيمة من اجل انقاذ مليونين من البشر في قطاع غزة المحطم والمنكوب. يبدو ان حماس ذاتها تتجه لقبول خطة الهدنة شرط ان تخرج من المعركة الى الواقع الفعلي بأية صورة وجودية، قد يفسروها انهزاما لكنها تريد الاحتفاظ بزاوية نظر الى انّ ما بقي من وجودها له ان يحمل صورة انتصار ذاتية معينة، وهذا ما ترفضه ضمنا خطة ترامب لإنهاء الحرب من خلال اشتراط انهاء الوجود العسكري للحركة والفصائل عبر تسليم السلاح وترحيل المقاتلين للخارج.
اعتقد انّ قبول خطة ترامب أمر حتمي، ليس لمثالية الخطة التي فيها بنود مطاطية وثغرات، لكن لكونها الصلة الوحيدة اليوم لقطاع غزة مع العالم لإنهاء الحرب وجعل إسرائيل تلتزم بذلك ايضاً.
لا توجد ظروف مثالية يقبل بها المتحاربون في نهاية الحروب، وانّ حركة حماس التي رفعت شعارات في بداية أحداث السابع من أكتوبر ولم يتحقق منها شيء، عليها ان تتحمل استكمال قبول ما لا تستطيع مواجهته على الواقع، وفي مقدمة ذلك القبول بالفرصة الأخيرة لحقن دماء مليونين من الفلسطينيين، وإلا ما معنى الكفاح وقد فرطت مجموعة واحدة بمصير شعب ليس له حول او قوة أمام آلة الحرب المدمرة.
معادلة رجراجة قابلة للتفاسير والاجتهادات الضيقة على حساب الشعوب ،
هزيمة بطعم النصر أو نصر بطعم الهزيمة. فمَن له أن يدّعي انه يتذوّق طعم النصر بعد هذا الدمار والابادة؟
fatihabdulsalam@hotmail.com