الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جيران منتصف الطريق

بواسطة azzaman

جيران منتصف الطريق

ياسر الوزني

 

لم يعرف العراق البناء العمودي من حيث الزمن كباقي الدول الأخرى وهذا له من المسببات فغالباً مايحب العراقي السكن في فضاء واسع يرعى حديقة منزله مع سقف عال تتسرب الشمس من حوافه موقناً بالمثل القائل (البيت الذي تدخله الشمس لايدخله الطبيب ) يضاف  له صعوبة التأقلم مع القوانين والتعليمات التي لاتجيز التصرف بحرية كما هو في المحلات الشعبية والبيوت الأفقية ،ولقد واجهت شخصياً هذاالأمر حين ذهبت الى يوغسلافيا لغرض الدراسة عام 1977 أذ أخبرني المؤجرعدم أمكانية أستخدام الحمام بعدالعاشرة ليلاً وبخلافه ستكون الشرطة على باب الشقة بعد شكوى من أحد الجيران الذي يرغب في نوم عميق، أن الجيران أوالجيرة في هذا النوع من السكن الحضري على نوع خاص من العلاقات الأولية التي لا تسمح بالتآلف النمطي يجمعها القرب المكاني وعلاقة الوجه بالوجه وهي بذلك تبقى خارج نظرية الضمير الجمعي والتضامن الآلي فليس غريباً أن لايعرف الجار أسم جاره في وسط مفروض على الجميع لاتجد فيه (إلا ماندر) عدا العلاقات السطحية حيث لاوجود لعبارة السلام عليكم أو صباح الخير وهذ وارد بأعتبار فقدان المقومات الأساسية التي  تؤدي الى تماسك الجيران وهو على خلاف العادات والأعراف المنسية أذ لم يكن يسمح للجارالجديد أن (يطبخ) لمدة ثلاثة ايام ولو توفي أحد الجيران (أطال الله في أعماركم ) فأن (تلفزيونات) كل المحلة تبقى مغلقة أربعين يوماً تضامناً مع مصاب أهل الفقيد, أن بعض النظريات الأجتماعية تسمي الطبقة التي ترفع من نفسها فوق السحاب ومادونها صغيرة بطبقة (العرش )وهي بطبيعة الحال (النظرية) لاتنسى وجود الفروق الفردية بين الجيران من حيث الوظيفة والجانب الثقافي والتعليمي والمالي وغيره من الفروق التي تؤثر في تصرفات الناس السلبية أوالايجابية لكنها تجمع أن الكل يدخل من باب واحد هو باب العمارة ، كما تعتقد نظريات أخرى أن التفاوت الأجتماعي بين طبقة العرش والطبقات الأخرى .

هو نسق أجتماعي فرعي يجعل من العلاقات الأجتماعية محدودة وهشة ناهيك أنها بين الجميع تقوم على أساس المصلحة المشتركة والشعور نحو الفردانية وزوال مبدأ التعاون وعدم بناء علاقات متينة لأنهم يظنون أنها مؤقتة متناسين أن الجيرة هي نوع من أنواع القرابة ،أن البعض الآخر يرى وجود مبررات لتلك العلاقة المأزومة والعابرة حيث تعاني بعض الأسرمن مشاكل نفسية جراء ضيق السكن وعدم السماح بممارسة بعض العادات الأجتماعية مثل أستقبال الأقارب وغيرهم وعدم الأعتياد على مصادرالأزعاج الآتية من بعض الجيران ومنها أرتفاع صوت التلفاز،نقل الآثاث من مكان لآخر،صوت غسالة الملابس ولعب الاولاد داخل الشقق وغيرها من ذلك كثير، أن كل المشاكل التي ذكرناها قد تكون الى طريق الزوال فيما لو حاولنا تنمية علاقات حسن الجوار من خلال الأحترام والتعاون المشترك لأن الديار تبقى عامرة بجار تأمن أليه في غيابك ويطمئن له قلبك ويشاركك أفراحك وأحزانك حريص عليك أكثر من حرص أقربائك وقد صدق القائل:  بجيرانها تغلو الديار وترخص.

 

 


مشاهدات 113
الكاتب ياسر الوزني
أضيف 2025/09/28 - 3:15 PM
آخر تحديث 2025/10/01 - 2:30 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 514 الشهر 514 الكلي 12040369
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير