البصرة.. مكان وذكريات
بغداد - حمدي العطار
المقدمة:
البصرة ليست مدينة على ضفاف شط العرب، بل ذاكرة متجددة تختزن في أزقتها وأسواقها وروائحها حكايات أجيال وأحداثا ما زالت عالقة في الوجدان. كل زيارة لها تتحول إلى رحلة في التاريخ والذاكرة، وإلى لقاء بين الماضي والحاضر، حيث تختلط رائحة التوابل مع نسيم النهر وصدى الأصوات في العشار.
جمعة مختلفة
في يوم جمعة مختلف، كانت الوجهة إلى البصرة لحضور نشاط يقيمه- منتدى السياب الثقافي - حفل تأبين الراحل ياسين صالح العبود. لكن الرحلة لم تكن مشاركة في مناسبة فحسب ، بل امتدت لتصبح جولة قصيرة في قلب المدينة التي تسكن الروح منذ الطفولة.
العشار قلب نابض
انطلقت الخطوات صوب العشار، القلب النابض للبصرة، حيث تختزن الشوارع تفاصيل من الزمن البعيد، وتستقبل الزائر بوجوه مألوفة وأصوات الباعة التي لا تخطئها الذاكرة. ثم كان التوقف عند كورنيش شط العرب، ذلك الامتداد المائي الذي يمنح المدينة سحرها الخاص ويجعلها مختلفة عن سواها من المدن.
طقوس التوابل
في أحد فروع سوق الهنود، حيث محال بيع التوابل والبهارات، تفوح الروائح التي تعيد إلى الذاكرة طقوس البيوت البصرية القديمة، وتجعل المكان أشبه بكتاب مفتوح من الذكريات. كانت الجولة برفقة الأصدقاء وليد زغير ومحمد كاظم، والتحق بنا من البصرة الصديق ضياء صمد لتزداد دفئا بما تحمله الرفقة من ود وألفة.
كل ركن في البصرة يروي حكاية، وكل شارع يختزن حدثا أو موقفا مضى لكنه لم يغادر الوجدان. هي مدينة تحمل طعما مختلفا، نكهة خاصة لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر. حتى الصور الملتقطة خلال الرحلة كانت شاهدة على تفاصيل الجولة، كأنها أرادت أن تحفظ اللحظة من الضياع.
الخاتمة
البصرة ليست محطة عابرة، بل ذاكرة حية تتجدد مع كل زيارة. إنها مدينة تتنفس من تاريخها، وتستعيد مع أبنائها وزائريها لحظات من الماضي لتضفي على الحاضر معنى أعمق. وفي كل عودة إليها، يكتشف المرء أن الذكريات لا تمحى، بل تكبر مع المدينة وتزداد رسوخا في الذاكرة والروح.