هل يجرؤ ترامب على زيارة لندن مجدداً؟

فاتح عبد السلام

 قلت يوم زار الرئيس دونالد ترامب بريطانيا والتقى الملك وولي العهد ورئيس الوزراء ان ولايته الثانية لن تكتسب الفخامة الا بلمسة الحليف البريطاني كان يسعى هو اليها بقوة. لكن ذلك ليس كل شيء، فهو لم يستطع ان يجعل لندن منبره لبعلن منها ما يشاء من اتفاقات او تفاهمات او إجراءات تحدث او لا تحدث، فذلك من المستحيل ان يكون رفي بلاد الإنكليز الا بالتفاهم المسبق معهم، وهم فيما يبدو لم يعطوه هذا الامتياز، لذلك كانت الزيارة في حدودها التي تفيد منها بريطانيا أكثر مما تفيد الإدارة الامريكية.

 في بريطانيا، البلد الوحيد الذي يمكن ان يسمع فيه ترامب الكلام الذي لا يعجبه رسميا او شعبياً، وحتى في زيارة كي ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الى البيت الأبيض، بدا ترامب لا يملك شيئا او حجة ليفحم بها المقابل، الخصم او الحليف لا فرق عند ترامب، الا بقوله امام الشاشات: هل تستطيعون مواجهة روسيا من دون الولايات المتحدة؟  لغة في اوج الابتزازية التي من الصعب قولها في الغرف المغلقة وليس امام العالم كله.

عمدة لندن رد بقوة وصاحب ذلك الرد مظاهرات في شوارع العاصمة لا يستهان بها برغم سرعة تنظيمها، في رفض مجيء ترامب الى لندن، العاصمة العالمية الفريدة في تعايش التعدد العرقي، وهو الرئيس الأمريكي الذي يتبنى التحريض ضد المهاجرين والاعراق الأخرى، الى درجة انّ دعا الى عزل النائبة الامريكية ذات الأصل الصومالي مستهزئا ببلدها الذي نعته انه بلا جيش ولا شرطة فكيف لها ان تشترك في التشريعات بالولايات المتحدة متجاهلا حقائق قانونية في حق الترشيح والانتخاب وبنود الديمقراطية التي تفاخر الولايات المتحدة بمناصرتها ورفع راياتها بالعالم . ركب ترامب طائرته عائدا وهو يلصق بعمدة لندن الذي اوجعه حقاً أتعس الصفات ومنها الوضاعة. لا اظن ان ترامب سيجرؤ على زيارة لندن حتى لو سائحا بعد تقاعده.

هذه هي بريطانيا في التعامل مع الحليف والخصم، نراها اليوم تعلن الاعتراف بدولة فلسطين ولم تكترث لغضب اسرائيل في اصعب مرحلة، بالرغم من ان حل الدولتين الذي تتبناه اليوم، كان على لسان وزير خارجيتها الأسبق جاك سترو في العام 2000 حين قال انّ وعد بلفورد البريطاني التاريخي بحاجة الى انصاف الشعب الفلسطيني وقيام دولتهم.

fatihabdulsalam@hotmail.com