الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الذكاء الإصطناعي يطرق أبواب الإعلام العراقي: هل نحن مستعدون للثورة الرقمية؟

بواسطة azzaman

الذكاء الإصطناعي يطرق أبواب الإعلام العراقي: هل نحن مستعدون للثورة الرقمية؟

نصف الإعلاميين يستخدمون التكنولوجيا والتحدّيات تحاصر الطموحات

 

الموصل - محمد خالد

في زمن تتغير فيه قواعد اللعبة الإعلامية بسرعة غير مسبوقة، يقف الإعلام العراقي على مفترق طرق بين التقليدية الرقمية، وبين الاستسلام لموجة الذكاء الاصطناعي التي تهز عروش الصحافة التقليدية. في المؤتمر الثاني لقسم الإعلام الرقمي بجامعة النور، كشف بحث علمي جديد بعنوان «استخدام الإعلاميين للذكاء الاصطناعي في عملهم الإعلامي: التطبيقات، التحديات، والتصورات، حقيقة استخدام الإعلاميين العراقيين لهذه التقنية الحديثة، والنتائج تحمل الكثير من المفاجآت والرسائل التحذيرية.

الأستاذ الدكتور ياس خضير البياتي الباحث الرئيسي قال بصراحة: «ان نحو نصف الإعلاميين في العراق يعتمدون على تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملهم، سواء في تحرير الأخبار، أو تحليل البيانات، أو حتى مونتاج الفيديو. ولكن اعتمادهم محدود، والسبب يعود إلى العديد من العقبات التي تقف في طريق دمج هذه التكنولوجيا بشكل فعّال

من جانبه، أضاف أ.م. عبد الله ياسين: الباحث الثاني» بأن الذكاء الاصطناعي يشكل فرصة ذهبية لتعزيز الإنتاجية وتحسين جودة المحتوى الإعلامي، لكن نقص التدريب، وعدم وجود سياسات واضحة، والخوف من المسائل الأخلاقية يجعل الكثيرين مترددين في الانخراط الكامل).

برامج تدريبية

وأظهرت الدراسة أن الأدوات الأكثر استخدامًا هي تلك المتعلقة بتحرير النصوص، والكشف عن الأخبار المزيفة، وتحليل البيانات، لكن معظم الإعلاميين يعتمدون على التعلم الذاتي، مما يحد من فعالية الاستخدام ويزيد من المخاطر. لذلك يؤكد البياتي بحزم: «إذا لم نوفر برامج تدريبية متخصصة ودعماً مؤسسياً حقيقياً، فإن الذكاء الاصطناعي سيظل مجرد وعد لم يتحقق، ولن نشهد طفرة حقيقية في الإعلام العراقي).

ويضيف: رغم زخم التحوّل الرقمي، وتسلل الذكاء الاصطناعي إلى غرف الأخبار وشاشات التحرير، لا يزال جيل من الإعلاميين العراقيين ممن يُعرفون بـ»الرواد» يقف عند ضفة الماضي، مترددًا في عبور الجسر نحو التكنولوجيا. هؤلاء الذين شكّلوا عصب الإعلام العراقي لعقود، يبدون تحفظًا، بل أحيانًا رفـــــــــضًا صريحًا لتعلم أدوات العصر، معتبرين إياها تهديدًا لقيم المهنة أو تقويضًا لخبراتهم المتراكمة.

ومن بين أبرز التحديات التي كشف عنها البحث، هو غياب الإطار القانوني والأخلاقي الذي يحمي الإعلام من الاستخدام الخاطئ للتقنية، الأمر الذي قد يفتح الباب واسعًا لانتشار الأخبار الكاذبة والتضليل. لذلك يرى أ.م. عبد الله ياسين أن الحل يبدأ من الاستراتيجية الوطنية من خلال « وضع خطة واضحة تدمج الذكاء الاصطناعي ضمن خصوصياتنا الثقافية والمهنية، وتدعم تطوير أدوات محلية، مع توفير برامج تدريب مستدامة لجميع الإعلاميين

وعن دور الجامعات، قال الدكتور البياتي:»على الجامعات أن تتبنى مناهج حديثة، وأن توفر مختبرات تقنية مجهزة، لتأهيل جيل جديد من الإعلاميين يملك أدوات الذكاء الاصطناعي بثقة وكفاءة

في ختام المؤتمر، كان واضحًا أن الذكاء الاصطناعي ليس ترفًا إعلاميًا، بل ضرورة حتمية، وأن مستقبل الإعلام العراقي مرهون بمدى جاهزية المؤسسات الإعلامية، والباحثين، وصناع القرار لاحتضان هذه التقنية الجديدة والتعامل مع تحدياتها بحكمة وموضوعية.

وفي مواجهة هذا الواقع المتقلب، يرفع الباحثان راية التغيير، داعين إلى خطوات عملية وجريئة لا تحتمل التأجيل. فمن إنشاء وحدات متخصصة بالذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات الإعلامية، إلى إطلاق برامج تدريبية دورية تُعيد تأهيل الصحفيين، وصولًا إلى إعادة تعريف الأدوار المهنية بما يتناسب مع متطلبات العصر الرقمي — كل ذلك يشكّل خارطة طريق لا بد منها، إذا ما أراد الإعلام العراقي أن يبقى فاعلًا ومؤثرًا في زمن تحكمه الخوارزميات وتُعيد تشكيله التقنيات الذكية.

بنية تحتية

كما يؤكدون على ضرورة دعم البنية التحتية الرقمية ووضع أطر قانونية وأخلاقية صارمة لضمان الاستخدام المسؤول للتقنيات الحديثة، وحماية الجمهور من مخاطر التضليل والمعلومات المغلوطة.

بين التحديات والفرص، يبقى الإعلام العراقي أمام فرصة تاريخية للتحول والتجديد، لكنه يحتاج إلى شجاعة القرار ورؤية واضحة لتجاوز العقبات والولوج بثقة إلى عصر الإعلام الرقمي الذكي.


مشاهدات 56
أضيف 2025/09/13 - 2:46 PM
آخر تحديث 2025/09/14 - 2:08 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 62 الشهر 9381 الكلي 11927254
الوقت الآن
الأحد 2025/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير