الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أين أبناء الوطن؟

بواسطة azzaman

أين أبناء الوطن؟

محمد رسن

 

تمرّ الأعوام وتتبدل الحكومات، لكن جراح العراقيين تبقى مفتوحة على سؤال واحد لم يجد جوابا: أين أبناؤنا المغيّبون؟

في كل مرة يطل فيها خبر عن إطلاق سراح أسير أجنبي أو عن استعادة جثة غريب، تتجدد في صدور العائلات العراقية نيران القهر والحسرة. لماذا يُفتح الطريق أمام الغريب ليعود مكرما إلى بلاده، بينما أبناء جلدتنا يذوبون في الغياب، بلا أثر، بلا قبر، بلا نهاية لانتظار ذويهم؟

خمسة أعوام مضت على اختطاف الناشط سجاد العراقي، ذلك الشاب الذي لم يحمل سلاحًا، لم يرتكب جريمة، سوى أنّه طالب بخدمات عامة، بكرامةٍ لوطنٍ يستحق الحياة. ومعه عشرات آخرون من شباب هذا البلد؛ مازن، توفيق، وغيرهم ممّن ابتلعتهم العتمة. مازالوا غائبين، ومازالت عوائلهم تبحث عن خبر يطفئ هذا الانتظار القاسي. كيف يُعقل أن تمتد يد الدولة ـ وبشتى مسمياتها ـ لتتدخل في قضايا أجانب، لتفاوض وتُخرج وتحتفل، بينما تعجز اليد نفسها عن فتح أبواب الظلام أمام أبنائها؟ أليس من الخزي أن يُعامل الجاسوس أو الغريب بكرامة، في حين يبقى العراقي ابن هذا التراب رهينًا للنسيان، مسلوب المصير؟

إنّها مفارقة تفضح عمق الخلل القيمي والسياسي: حين يصبح الغريب أرفع شأنًا من أبناء الوطن، وحين يُمنح الخارج مكانة لا تُمنح للدم العراقي، تكون السيادة قد انكسرت، والعدالة قد غابت، والذاكرة الوطنية قد جُرحت جرحًا لا يندمل.

إنّ دماء العراقيين ليست أرقامًا تُنسى في تقارير رسمية، بل هي هوية وطن ينهار إذا غابت الحقيقة. إنّ كل مغيَّب لم يعد صوته مسموعًا، لكن صرخته باقية في قلوب أهله وأصدقائه. إنّ استمرار الصمت هو اشتراك في الجريمة، وتواطؤ مع المجهول. فأبسط مقومات الدولة أن تحمي أبناءها، أو على الأقل تعيدهم إلى ذويهم أحياءً أو جثامين بكرامة. وإلا، فبأي وجه تُسمى هذه دولة، إن لم تحفظ لأبنائها حق الحياة وحق الموت الشريف؟

 

 

 

 


مشاهدات 66
الكاتب محمد رسن
أضيف 2025/09/13 - 11:52 AM
آخر تحديث 2025/09/13 - 1:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 440 الشهر 9036 الكلي 11926909
الوقت الآن
السبت 2025/9/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير