ثورة النجف 1918 التي غيّبت

عادل الياسري

لم تكن ثورة النجف سنة 1918 حادثة محلية عابرة، كما حاولت بعض الكتابات أن تصوّرها، بل كانت الشرارة الأولى التي مهدت الطريق لثورة العشرين، ومثّلت إرهاصًا مبكرًا لوعي عراقي جمعي في مواجهة الاحتلال البريطاني. ومع ذلك، جرى تغييبها عمدًا أو إهمالها في السرديات الرسمية والشعبية.

أشار الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، وهو ابن النجف وذاكرتها الحيّة، إلى هذا التغييب حين ردّ على صاحب كتاب ماضي النجف وحاضرها، منتقدًا محاولات اختصار المدينة في صورتها الفقهية والدينية فقط، في حين أن النجف قدّمت دماءً وتضحيات مبكرة في سبيل الحرية.

التأريخ الرسمي ركّز على ثورة العشرين كعنوان جامع، وأهمل ذكر ثورة النجف إلا لمامًا، بينما أسهمت ثقافة الحذف والإقصاء في طمس أسماء القادة الحقيقيين، وإبراز غيرهم تحت لافتة “الوطنيين”. أما الذاكرة الشعبية، فقد أُرغمت على الصمت تحت وطأة الإعدامات والقمع الذي طال أبناء المدينة، فاختُزلت الحكاية في إشارات شفوية متناثرة.

إن الوثائق التي في حوزتنا اليوم – من تقارير المخابرات البريطانية ومراسلات تلك الحقبة – تكشف صورة مختلفة تمامًا: ثورة النجف لم تكن هامشًا، بل كانت المتن الحقيقي الذي حاولت السياسة أن تُسدل عليه ستار النسيان..!