الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثورة ايلول إستباقية تحديد المسار

بواسطة azzaman

ثورة ايلول إستباقية تحديد المسار

فاضل ميراني

 

في الحادي عشر من أيلول 1961، حدثت المواجهة، وقع الرد على التوجه السلطوي، حيث ان فكر ادارة الحكم بعقلية عسكرية لم تكن الا كارثة بكل المقاييس، فقضية تغيير النظام الملكي في العراق والذي له اسباب بعضها حقيقية، لاتعني فرض القبول بأستصحاب شرعية العسكر للتمدد داخل المجتمع العراقي ومصادرة حراكه و حذف ماضيه و تجيير حاضره و مستقبله لمرحلة تحول في المنطقة كان المسيطر فيها هو الانقلابات العسكرية التي تستحيل في الدعاية بعد تحقق الهدف الى مسمى بعيد عن الواقع هو الثورة.

لم تكن ثورة ايلول خصما لثورة ال 14 من تموز، ولم تكن خصما لشخص الراحل عبدالكريم قاسم، ولم نكن في الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ التأسيس لليوم اصحاب مواقف شخصية من الواصلين للسلطة، حتى مع الذين ذبحونا، فالقضية عندنا قضية نظام وهي اكبر من التشابك الشخصي بين الواصل للسلطة و بين خلايا و ادوات النظام التي تصير طيعة له، حيث يزيل الحاكم الفاصل بين  انسانيته المجردة و بين الوظيفة، وهذا المعضل لا تعالجه الا التشريعات و كذلك التقيد بها، تشريعات تحول دون شخصنة النظام و اخضاعه للمزاج، وهذه هي معاناتنا و معاناة اغلب العقول العراقية الحرة مع الانظمة السياسية التي حكمت بغداد و منها مدت خطوط مركزيتها و ضغوطها ولم تُحرم من تخادمات مصلحية داخلية و خارجية اظهرت واقعا سياديا مهلهلا، حيث جرى التنازل عن اراض و مياه لدول اخرى، و جرى الانفاق المخبول على العتاد و الاغتيال، وتعبئة المجتمع فكريا و سلوكيا في افتتاحيات مستمرةٌ اثارُها عن كتابة التقارير الكيدية و تصفية الحسابات بحجج الولاء، ولم يسلم مرفق و لا بيئة من ذلك السوء.

لقد فَصَلنا بين تبدل النظام في 1958، و بين التحركات الفردية ذات الشرعية العسكرية التي نذكر لها و لا نبخسها ما اعتقدته انه مكاسب لشعوب العراق و منها تثبيت وجودنا الدستوري، وهنا لابد من التأشير على الفرق بين بين الاقرار و تنفيذه، سيما و قد تكرر هذا الامر و يظهر حاليا و ظهر سابقا حيث مارس نظام مابعد 2003 ممارسات انتقائية في تنفيذ الدستور في ظل عملية سياسية نحن اقدم افرادها، وتختلف عن نظام 1958 من حيث ان التحالف الدولي هو من ازال نظاما و سهل وصول آخر دون ان نخصم اي تضحيات، لكن العامل الدولي كان القوة المغيّرة.

فكر سياسي

الان و امام هذا الوضع القائم اقف متأكدا و يقف غيري من رفاق للفكر و السلاح و العمل، نقف بكل ثقة و تأكُّد ان تقييم مصطفى البارزاني و الحركة الواعية لشعبنا احست بالخطر و لم تؤخذ بنشوة التبدل التي ما ان مالت شمس 1958 حتى بدأت ممارسات سلطوية مهدت لساحات من الغبن و الاعتداء على حياة الانسان العراقي الذي اراد ان يحتفظ بحريته واستقلايته متوقعا انموذجا افضل مما رُوج انه افضل من الملكية، و اقول ان الملكية التي لا انزهها عن الاخطاء متعمدة ام عن جهل ام لحسابات اخرى، لم تكن المسؤولة منفردة عن عدوى العنف و الانقلابات و التحالفات غير المنتجة. ان الفكر السياسي القيادي كان قد قرر تحييد كل القوى حتى التي قيل بميلها للنظام او العكس، و الدخول معها بمواجهة جُندت لها امكانية دولة و خبرة بضعة عقود منذ ان جلس فيصل الاول على عرش مرتبك في عراق خرج من العثمانية ليدخل الاهتمام البريطاني.

ان تداخل الظلال بين الحاكم و حدوده غير الواضحة و بين نظام يشرعن لنفسه بمعزل عن الحقائق و الوقائع جعل عدم الاستقرار و الصراع سمة و صفة في النظام لا حالا تتغير. ان الانظمة التي تلت نظام 1958 ظلت تتمايل بين الارتباك و القسوة، وضخت من التعاليم المتبدلة على العراقيين ما ان يتم فهمه فأنه يتم فهم حال اليوم من الانكماش و التخندق و العداء و الطموح الذي يفوق الطاقة و المكاسب و الختام بعد الزوال عن المنصب بالتبريرات و الاتهام و كشف اسرار بعضها من البهتان. اشرت ثورة ايلول مبكرا و قبل انطلاقها، اشر حزبنا لمآلات الامور وانصت له كثيرون و عمل على الحيلولة دون الانزلاق للخطر قلة، اذ هناك ظهرت انجذابات بينت ضيق الافق و الشره للكسب عبر التقرب للحكم لمصالح شخصية او مجموعاتية. تستحق ثورة ايلول و ارشيفها الورقي و الشهاداتي عيانا وحضورا، تستحق من معاصريها ان تتم دراساتها و التعمق فيها بمعزل عن التمجيد الذي نعتز به لها، لانها ثورة تحوي صراع الافكار بين الواهم بالسلطة و بين المحذرين من مغامرة الحكم بلا حنكة، بين العاملين على تقديم هوية مواطنة سليمة و بين مفصلي المواطنة على مقاسات المزاج، بين الذين اسهموا و اسسوا لضمور في قوة العراق و ثرواته و بين الساعين للحفاظ عليها و تطويرها، بين القتلة بسلاح رسمي و تشريع سيء و بين الساعين للعدالة.

ان من الفروق الاساسية بين ثورة ايلول و بين اي حدث التحف بكلمة الثورة هو معيار بناء الانسان و تعمير الارض، و الاستعداد للتضحية و التحمل و المسامحة و تجميع نقاط الالتقاء و التقارب، و سن تشريعات موفقة و التقيد بها و الامانة على المسؤوليات، و قد اثبتت ايلول ذلك و اثبتت انها ولّادة لجيل قاوم كل الهجمات و التطهير.

واما خصوم ايلول من الذين عادوها تعمّدا فقد ذهبوا ولم تشفع لهم دعايات التمجيد ذات الهذر.

مجدا لثورة ايلول و قائدها البارزاني الخالد

مجدا لشهدائها الكوردستانيين.

 مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

 


مشاهدات 113
الكاتب فاضل ميراني
أضيف 2025/09/09 - 2:56 PM
آخر تحديث 2025/09/13 - 10:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 392 الشهر 8988 الكلي 11926861
الوقت الآن
السبت 2025/9/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير