العدالة المفقودة في توزيع ثروات العراق
رائد الهاشمي
يُعتبر العراق واحدًا من أغنى الدول في العالم من حيث الموارد الطبيعية، حيث يمتلك احتياطات هائلة من النفط والغاز، بالإضافة إلى ثروات زراعية ومائية, ومع ذلك، فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد يعكس صورة مغايرة تمامًا، حيث يعاني معظم المواطنين من الفقر والبطالة ونقص الخدمات الرئيسية مثل الكهرباء والماء والنقل والخدمات الصحية ، مما يثير تساؤلات حول العدالة في توزيع الثروات وماهي حصة المواطن من موازنات البلد الانفجارية .
على الرغم من أن العراق يُصنف كدولة غنية بموارده، إلا أن الفساد وسوء الإدارة قد أديا إلى تفشي الفقر والبطالة ووفقًا لتقارير البنك الدولي، يعيش حوالي 30 بالمئة من السكان تحت خط الفقر، بينما يعاني الشباب من معدلات بطالة مرتفعة تصل إلى اكثر من 25 بالمئة هذه الأرقام تعكس الفجوة الكبيرة بين الثروات الطبيعية التي يمتلكها العراق والواقع المعيشي للمواطنين.
يُعتبر الفساد أحد أبرز العوامل التي تسهم في تفشي عدم العدالة في توزيع الثروات, فقد أظهرت تقارير عديدة أن الأموال التي تُخصص للتنمية والبنية التحتية غالبًا ما تُهدر أو تُستغل لمصالح شخصية, ويُعزى ذلك إلى ضعف المؤسسات الحكومية وغياب الشفافية والمسائلة وفي ظل هذه الظروف، يُحرم المواطنون من الاستفادة من الثروات الوطنية.
ان تفشي حالة الانتفاع الشخصي للسياسي والمسؤول الحكومي من العقود والمناقصات الحكومية واستغلال المنصب لجني أموال السحت وغياب القوانين الصارمة للقضاء على الفساد المستشري كان له دوراً أساسياً في زيادة معاناة المواطن العراقي وحرمانه من أبسط حقوقه التي كفلها له الدستور.
دور المجتمع المدني
يجب أن يلعب المجتمع المدني دورًا حيويًا في المطالبة بالعدالة في توزيع الثروات من خلال الحملات التوعوية والضغط على الحكومة وأن يسعى الناشطون إلى تعزيز الشفافية والمسائلة وطلب القصاص من الفاسدين, كما أن هناك حاجة ملحة لتفعيل دور المنظمات غير الحكومية في تقديم الدعم للمجتمعات المحلية والمساهمة في تطوير المشاريع التنموية. لتحقيق العدالة في توزيع الثروات، يجب على الحكومة العراقية اتخاذ خطوات جادة، منها:
1. تعزيز الشفافية والمسائلة: من خلال إنشاء آليات لمراقبة الإنفاق العام ومكافحة الفساد الذي أصبح ظاهرة واضحة للعيان وفي جميع مؤسسات الدولة.
2. توزيع الثروات بشكل عادل: عبر تطوير سياسات تنموية تستهدف المناطق الأكثر احتياجًاوالعمل على النهوض بالواقع الخدمي المتردي وتقليل حجم البطالة والفقر.
3. الاستثمار في التعليم والتدريب: لتمكين الشباب من الحصول على فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة.
4. تعزيز المشاركة المجتمعية: من خلال إشراك المواطنين في اتخاذ القرارات المتعلقة بتوزيع الثروات.
5. تفعيل القوانين الخاصة بمحاربة الفساد وتحقيق الاستقلال الكامل للقضاء بجميع مفاصله وابعاده عن الضغوط السياسية التي تمارس عليه بشكل يومي.
توزيع ثروات
إن العدالة المفقودة في توزيع ثروات العراق تمثل تحدياً كبيراً يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف من خلال تعزيز الشفافية والمسائلة، وتوزيع الثروات بشكل عادل، يمكن للعراق أن يحقق التنمية المستدامة ويضمن لمواطنيه حياة كريمة.
إن تحقيق العدالة في توزيع الثروات ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل هو ضرورة اقتصادية وسياسية لضمان استقرار البلد وازدهاره.