المعمودية الوطنية في مواجهة السلاح المنفلت

خالد محسن الروضان

يشكل حصر السلاح بيد الدولة أحد أبرز التحديات التي تواجه العراق اليوم، إذ ينص الدستور على أن حمل السلاح يقتصر على مؤسسات الدولة الرسمية، وهي الجيش، الشرطة، وقوى الأمن الداخلي، مع حظر تشكيل أي ميليشيات أو فصائل مسلحة خارج هذا الإطار.

لكن تاريخ العراق الحديث حافل بمحطات شهدت وجود السلاح المنفلت خارج سلطة الدولة. ففي عام 1936، حاولت قبائل القيام بحركة ضد الحكومة، مدعومة من أطراف سياسية ورجال دين، إلا أن الجيش بقيادة بكر صدقي تمكن من قمعها. وفي عام 1958 برزت «المقاومة الشعبية» التي انتهت عام 1963، ليظهر بعدها «الحرس القومي» الذي تم القضاء عليه عام 1964 خلال حكومة عبد السلام عارف.

وخلال حكم النظام السابق، انتهت ميليشيات «فدائيو صدام» و»جيش القدس» بسقوط النظام عام 2003. لكن فترة حل الجيش العراقي على يد الحاكم المدني بول بريمر شهدت ولادة ميليشيات حزبية وعصابات مسلحة، قبل أن ينجح الجيش في عهد نوري المالكي في القضاء على الكثير منها عبر عملية صولة الفرسان. وفي عهد حيدر العبادي، تمكنت القوات المسلحة والحشد الشعبي، بالتعاون مع التحالف الدولي، من تحرير الأنبار وصلاح الدين والموصل، وفرض سلطة الدولة.

ورغم هذه الانتصارات، استغلت بعض الأحزاب الفاسدة تشكيل الحشد الشعبي لاختراقه من الداخل، وإنشاء فصائل مسلحة تابعة لها ومرتبطة بولاءات خارجية، مما أدى إلى استمرار ظاهرة السلاح المنفلت، تحت ذرائع دينية وسياسية، منها اعتبار الحشد «خطًا أحمر» لا يجوز المساس به.

هذا الواقع جعل السلاح المنفلت أداة لزيادة النزاعات العشائرية، وإضعاف هيبة الدولة، وعرقلة مشاريع الاستثمار والتنمية، فضلًا عن تهديد الأمن الوطني وزعزعة الاستقرار.

ويرى مراقبون أن الحكومة اليوم قادرة على فرض القانون وحصر السلاح بيد الدولة، إذا توفرت الإرادة السياسية والقرار الحاسم من القائد العام للقوات المسلحة، مؤكدين أن بقاء الجيش العراقي قويًا وموحدًا هو الضمانة الحقيقية لأمن العراق واستقراره، ودرعه الحصين في مواجهة كل التحديات.