ظاهرة خجل التاج
زينب كاظم
قبل سنوات سمعت في أحدى القنوات الفضائية خبير نباتات يتحدث عن ظاهرة (خجل التاج ) ونحن بطبعنا لا نسمع جملة أو كلمة أو عبارة تستوقفنا حروفها الا وبقينا نبحث ونبحث ونسمع ونحلل وصولا للحقيقة ،ان ظاهرة خجل التاج هي ظاهرة طبيعية أو لنقل سلوك بين الأشجار حيث أن الأشجار تنمو جنبا إلى جنب و ستنمو أغصانها بطبيعة الحال وتتفرع كما هو معروف لنا ،مما يؤدي إلى تشابك تلك الأغصان في الحالات المعتادة ولكن لدى بعض الأشجار لا يحدث هذا الأمر. ،اذ تترك كل شجرة مسافة بين تاجها وتاج الأخرى ،بحيث لا تتعدى تلك المسافة أبدا بل تتوقف أغصانها عن النمو وتلتزم بحدود بينها وبين جارتها ،لا تتعداها أي شجرة من الأشجار ،وكأنها تتحاشى لمس بعضها ،لترسم بذلك لوحة بصرية فاخرة إضافة إلى البعد الشاعري أو لنقل الأخلاقي الذي يصوره هذا المشهد،أن الكائنات والمخلوقات أحيانا تفعل أمورا فطرية لكن يوصل الله لنا من خلالها رسالة والرسالة الإلهية من هذه الظاهرة هي أن المسافة ضرورية جدا لصحة أي علاقة وأن ذوبان الشخص في الآخر لا يدل على أن درجة الحب والمودة والرحمة بينهما أكبر من تلك التي بين إثنين يجيدان الوقوف على مقربة من بعضهما دون إلغاء الحدود البشرية الضرورية لأي إنسان ،هذه ضرورة كونية لا ضرورة إنسانية فقط .
أن النباتات ليست اختصاصنا لكن أن تلك الظاهرة شيئا يدعو للاعجاب وهذه ظاهرة مثبتة علميا ،وبكل تأكيد هذه الحالة ليست سلوكا شجريا معتادا لكن سلوكا أدهشنا جدا علما أنه ليست كل الأشجار تملك هذا النوع من التهذيب وهذا الخجل فللشجر سلوكيات متنوعة كالبشر تماما ودائما هناك أسباب خلف كل سلوك،أن سبب تلك الظاهرة بين الأشجار هي الحفاظ على تلك المسافات بين أغصانها كي لا يكسر بعضها بعضا ،فهذه المسافة تؤمن حال هبوب الرياح نوعا من الحماية لها ولجاراتها بحيث تمنع اصطدام الأشجار ببعضها وبالتالي كسرها لبعضها وهذا شيء يدعو للدهشة ،أما الأسباب الأخرى المفترضة لتلك الظاهرة أيضا إحتمال الحصول على أكبر قدر من الضوء فكما نعرف تحتاج الأشجار للضوء لتصنع غذاؤها وحين تنمو بشكل عشوائي ستختلط الاوراق وتتشابك الأغصان ويحجب الظل الضوء عن بعض الأوراق فتصفر وتذبل وتموت فهي بذلك ترتب لنفسها ولغيرها فرصة الحصول على احتياجها من الضوء ،وهناك أيضا إحتمال آخر وهو حدوث العدوى بين الأشجار حيث تنتقل الحشرات الضارة بينها فتترك مسافة لحماية نفسها وغيرها وهذه الاحتمالات كلها ليس بشيء مستبعد فحين نتأمل هذا النسيج الكوني الكبير يتجلى بوضوح الاتقان الإلهي الذي يقف خلف كل هذا ولكن ما نريد إيصاله أننا يجب أن نتخذ من الأشجار قدوة لنا في علاقاتنا الاجتماعية والعاطفية أيضا إذا كانت هناك لنا رغبة بالتنظيم واستمرار العلاقات وسموها .
ونحب نضيف أن الإنسان المُحترم هو أن يمارس ظاهرة خجل التاج بشكل مدروس حتى يكون جزء لا يتجزأ منه حتى يصبح سجية فيصير مُلفت فالأحترام يأُسر ...
دائمًا وأبدًا و سيبقى الشخص المحترم هو الأكثر جاذبية
المحترم بعقليته وذوقه الذي يعتذر عندما يخطئ ويستأذن قبل أن يطلب الشيء ويشكر عندما يساعده أحد ويحترم مساحتك الشخصية ويقدِّر تقلُّباتك النفسية ،
الإنسان المحترم مُترفع وغير فضولي
الشخص المحترم كنز لايعوض..