ماذا يريدون من المنطقة ..؟ ماهي تداعيات احداث السويداء
جاسم مراد
لسنا بقراءة كل المشهد ، وإنما رؤية بعض المحطات ، وما يجري في سوريا ، هو تعبير أولي لما ستؤول اليه اهداف المخطط للمنطقة العربية على وجه الخصوص ، والشرق الأوسط عموماً ، ففي السويداء تلك المدينة السورية العريقة ، لعب الدروز وهم الغالبية السكانية فيها ، لعبوا دوراً ريادياً في حركات النضال ضد الاستعمار ، وكان الأطرش ، ابرز تلك الزعامات ، وكذلك هناك قادة عسكريين بارزين في الجيش العربي السوري في مواجهة الإرهاب ، إذن السويداء لم تكن يوماً خارج دائرة الموقف العروبي في التحرر السوري ، وفي الوقوف بجانب القضية الفلسطينية وعموم القضايا العربية . في هذه الاحداث المؤسفة والخطيرة التي تشهدها وشهدتها السويداء ، دخل الكيان الصهيوني بدباباته وطائراته الحربية طرفاً عدوانيا خطيراً في الاحداث السورية ، مثلما دخلت العديد من العناصر الإرهابية التي تحمل هويات اجنبية في الاعتداء واهانة العديد من مواطني السويداء . إسرائيل وبقرار عسكري سياسي ، جعلت من حدود السويداء ، منطقة محرمة ضمن حماية الكيان الإسرائيلي بحجة الدفاع عن الدروز ، مثلما تعمل الان للسيطرة على العديد من مناطق درعا القريبة من العاصمة السورية دمشق . السلوك الإسرائيلي هذا يهدف الى امرين ، أولهما تفكيك الوحدة الوطنية والقومية السورية، وثانيا يرمي الى خلق كانتونات سياسية وعرقية في سوريا ، تستهدف اضعاف سوريا وجعلها قوى وجماعات متناحرة ، والهدف الإسرائيلي هذا لا ينحصر في سوريا وإنما يمتد للعديد من الدول العربية والشرق أوسطية ، تلك الدول التي لها حضورا في سياق الصراع من اجل حرية
وحقوق الشعب الفلسطيني . ليس غريبا الموقف الإسرائيلي هذا ، فهو تعبير عما اكد طرحه نتن ياهو اكثر من مناسبة ، والتي اطلق عليها إعادة رسم وتنظيم الخارطة في المنطقة ، على ان تكون إسرائيل اللاعب الرئيسي فيها ، فهذا المشروع وان غاب عن مواقف وخطابات المنظومة العربية وتركيا وايران ، وكذلك روسيا والصين ، فهو بالضرورة يستهدف هذه الدول ومشاريعها الراهنة والاستراتيجة وعلاقاتها ببعضها البعض ، وبالخصوص العلاقة والحضور الروسي في الشرق ، ومشروع الصين في الطريق الواحد ، فهو بالضرورة مشروع اقتصادي استعماري بلون جديد . ولكي يحقق هذا المشروع أهدافه ، لابد له ان يبدأ بتفكيك الدول الوطنية ، كمجتمعات وخرائط ، حتى يتسنى لإسرائيل الدخول فيه كلاعب أساسي ، ولكي تفرض الولايات المتحدة سيطرتها الكلية على المنطقة والممرات المائية ، وبهذا لا يكون للصين منفذ لمشروع الطريق الواحد ، ولا بتدفق البترول والمعادن الأخرى ، إلا بشروط الضوابط الامريكية ، وكذلك الحال بالنسبة لروسيا التي كثيرا ما تغمض عينيها عما يجري في المنطقة وخصوصا ما يجري في فلسطين وغزة على وجه التحديد ، ومن المرشح ان تزيد الولايات المتحدة الامريكية من دعم كييف بأسلحة مهمة وذات تأثير على الخارطة الروسية بغية اشغال موسكو بتلك الحرب اكثر فأكثر . إن ما يجري في سوريا ، لا يمكن السكوت عنه ، أو اعتباره مسألة داخلية ، فهو جزء من المخطط المرسوم للمنطقة ، وكون سوريا الان الحلقة الأضعف بعدما تم تدمير جيشها وقواعدها العسكرية ، فأن الدول الأخرى وخاصة العراق مستهدف بهذا المخطط ، خاصة وهناك اطراف وجماعات مهيأة لاستقباله ، فالمشروع الشرق اوسطي الذي يريد نتن ياهو تحقيقه ، فأن واشنطن سعت وتسعى الى تنفيذه ، وهنا ليس السكوت التركي عن تلك الاحداث في السويداء وغيرها من المناطق السورية ، يمكن أن يعفيها من هذا المخطط ، بل ما يثير التساؤل للمتابعين العرب ، فأن تركيا التي كان لها دوراً مهما في اسقاط النظام السوري ، فلماذا الان تسكت عن التدخلات والمشاريع الإسرائيلية في سوريا وغيرها ، المهم على الدول المعنية أن تحذر وتتحسب للقادم .