الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أمومة القدس

بواسطة azzaman

أمومة القدس

نمر سعدي

 

في القدس يحملني هواءُ الأنبياءِ.. تشقُّني الرؤيا إلى نهرين.. نفسي لا تراودني عن الأشياءِ.. هكذا بدأتُ قصيدتي القديمة.. الجديدة.. المتجددة.. التي سأنقلُ فكرتها بتعديل شعري طفيف، وأكسر تفعيلتها عن قصد وسبق إصرار.. كي أتخفَّف من حمولتها النوستالجية الفائضة عن الحاجة. لأن لا إيقاع يجب أن يتعالى الآن سوى إيقاع القدس وأبنائها البررة...

في القدسِ أسألُ مرَّةً أخرى: القدسُ أرضٌ أم سماءٌ من رخامٍ ساجد لله؟!

من حولي ملائكةٌ وحورٌ في الفضاءِ يسبِّحون..

هنا لأوَّل مرَّة يبكي صلاح الدين فيَّ أمامَ مجد الله محنيَّ الجبينِ يشدُّهُ شوقٌ..

في القدس أعرفُ من أنا ملءَ المكان وما أريدْ

في القدس يملأني الهواءُ بما أريدْ

كلَّما تذكرتُ هذه القصيدة القديمة تسلَّلَ هواء القدس النقي إلى ذاكرتي وإلى قصيدتي ورئتيَّ.. في باحةِ الأقصى يتواجد أنظف هواء في الكون.. هواء مشبَّع بعطر الزيتون وبحدائق علويَّة.. ما هيَ قصتي مع هواء القدس؟! حتى يكون تركيزي الشعري عليه قويَّا ويصعبُ عليَّ نسيانه حتى بعد عشرين عام وأكثر..

القدس أمٌّ رؤوم.. تسبحُ أرواحنا في مدار أمومتها البيضاء.. أمٌّ من عبقِ أشجار الزيتون.. أو هي جزءٌ لا يتجزَّاُ من وصيَّة أم.. المدينة التي تعجُ بخضرةِ روحها والمزدانة بغيوم زرقاء كشرائط في فستان عروس.. نذهبُ إليها كلَّما اشتدَّ شوقنا إلى السماءِ.. كأنَّ الله أقربُ إليها من بقيَّةِ الأرضِ.. ثمَّةَ حنينٌ لشيء ما يرتطمُ بقلوبنا أنَّى توَّجهنا.. ثمَّة أنبياءٌ غيرُ مرئيين يسيرون في الطرقاتِ ويطرحونَ السلامَ على العابرين.. وخروجٌ من هذا الوقتِ إلى وقتٍ آخر.. أكثر جمالاً واتِّساعاً.. ثمَّةَ كلُّ ما يحنُّ إليهِ شاعرٌ وعاشقٌ وقدِّيسٌ ومجهولٌ.. هواءٌ ناصعٌ.. أحجارٌ معجونةٌ بدمِ البشرِ الغابرين.. أقمارٌ مائية على الأرض.. ترابٌ مجبولٌ بهالات الضوء.. أشجارٌ حانيةٌ.. كلُّ شيء تقريباً.. وشوقٌ مضاعفٌ للسماء.

 


مشاهدات 39
الكاتب نمر سعدي
أضيف 2025/05/26 - 12:25 AM
آخر تحديث 2025/05/26 - 6:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 389 الشهر 33842 الكلي 11027846
الوقت الآن
الإثنين 2025/5/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير