لمن تقرع الأجراس؟
قمة المجاملات والقفز على الأزمات
هاشم حسن التميمي
في البدء يجب ان نشيد بترتيب القمة المتقن وكانها مصممة ببرامج الذكاء الاصطناعي لتكون قمة مجاملات وتوافقات بعيدا عن الجدل وتعكير الجلسات بتفاصيل الازمات والقفز للمستقبل والحديث عن المبادرات.
وتمكن هذا التصميم من قطع الطريق على القادة والملوك والامراء والرؤساء على ندرة حضورهم من الخروج على النص فكل يلقي كلمته مختصرة ويمشي بدون حوار ونقاش وجدل كما كان يحصل في القمم العربية السابقة فلصدام صولات وللقذافي جولات وللاخرين همسات واهات ونظرات. واختفت حتى التسريبات والمشاكسات والتزم حتى رئيس القمة بدور مقدم البرامج الخجول يدعو الضيوف لالقاء الكلمات بدون مجاملة او اضافة وتعليق ويخاف من الخروج عن القائمة التي امامه كي لاتخونه اللغة ودقة التعبير ونسيان اسماء والقاب ضيوفه. والتزم وزير الخارجية بنص البيان الختامي الذي شرعن نظام عدن وشيطن انصار الله الحوثيين ونزع الرئيس الفلسطيني سلاح حماس والمقاومة وكان مستعدا ان ينزع حتى ملابسه ليبقى في كرسيه ولايغضب اسرائيل. وكرر لبنان دعوة نزع السلاح ليبق بيد الدولة منزوعا من العتاد. والسودان وليبيا اكدوا شرعيتهم لنزع سلاح خصومهم. والجميع طلب ان تتعقل ايران وتنزع رغبتها بامتلاك السلاح النووي ودعم المقاومة و بدون استثناء لم يطلب احدا من رموز القمة نزع سلاح الكيان بل تمنوا ان يوقف مجازره وخروقاته. وتحدثوا عن فلسطين على طريقة شعراء الجاهلية وقف واستوقف وبكى واستبكى. دون قرار شجاع بايقاف العدوان بل تصريحات وتلميحات للتطبيع بدون مقابل وتحقيق حلم ترامب المجنون بتهجير الفلسطينيين كلهم وليس سكان غزه فقط لوطن بديل في اطار خطة ابادة عرقية لتحقيق حلم اسرائيل بشرق اوسط جديد من الفرات الى النيل يحول فيه ترامب غزة لريفيرا ومونت كالو لليالي الحمر لحلب ابناء العم من القادة والاثرياء في ظل الدين الابراهيمي الجدبد الذي يبيح حتى المثلية الجنسية.
وتمت برمجة الاعلاميين والمشرفين على اهم المواقع الالكترونية والمحطات الفضائية ووكالات الانباء الدولية والمحللين السياسيين ليتسم الجميع بالواقعية والتخلي عن المهنية و النزعات الثورية والترويج للتطبيع مع واقع الحال ومايريده العم ترامب الذي لم يكتف بالاستحواذ على الترليونات فسرق بطريقة مؤدبة قلم امير قطر مونت بلاك 149 الثمين وقبل هدية القرن طائرة بنصف مليار دولار. وحسدهم على مرمر قصورهم وكانه يطلب مهم ان يشيدوا له قصورا شبيه فخمة وفاخرة تعبيرا عن الكرم العربي الاصيل الذي قدم لسيد البيت الابيض اموالا تكفي لاطعام واكساء مليارات البشر وفشلوا بايصال لقمة خبز لاطفال غزة. نعم نجحت قمتنا بتدجيين الجميع وحسنا فعلت بمنع المشاكسين من الاعلاميين والسياسيين من الاقتراب من قاعات الضيوف خوفا من التسريبات التي تعكر الجو العام ومنعا لتكرار ما حدث مع بوش وملاحقتهم ليكونوا بعيدا عن وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي.
وهكذا نجح انعقاد القمة بهدوء واعلن عن النوايا الحسنة في الدعوة لايجاد حلول لاخطر الازمات العربية الخمس دون البحث في جذور الصراعات وتحديد المسارات، وفي المقابل نهب ترامب الترليونات في قمة الرياض وعاش ضيوف القمتين في اجواء الترف والنعيم وفي المشهد الميداني غزة تغرق بالدماء وعربات جدعون اليهودية تصول وتجول في الارض العربية. ومن يدري فقد تكون اسرائيل رئيسا للقمة العربية المقبلة والتي قد تعقد في ريفيرا غزة اذا ما استمرت سياسة نزع السلاح والقيم وغياب الاخلاق عن الامم.