في ظل الضغط الأقصى الترامبي على إيران
رفسنجاني وقوام الدولة يبعثان للحياة ثانية
حسين فوزي
بغض النظر عن كل التفاصيل، الحقائق الأساسية هي أن الإدارة الأميركية بقيادة رئيس نفعي حد التعري من مزاعم حقوق الإنسان والدفاع عن الحرية، حشدت قوة عسكرية لم تشهد المنطقة مثيلاً لها، وهي مع بعض الفوارق الزمنية والتقنية، اقرب ما تكون للحشد الأميركي المتجه نحو اليابان عامي 44 - 1945، لكنها هذه المرة حول إيران في الخليج والبحر العربيين.
وجود أكثر من 400 طائرة قاصفة استراتيجية ومقاتلة قرب السواحل الإيرانية، ناهيك عن عشرات مئات الصواريخ الاستراتيجية والتكتيكية ليست نزهة فهي أداة الضغط الأقصى، بجانب تصعيد العقوبات على إيران.
حقول نفط
ويعلمنا التاريخ المعاصر للدولة الإيرانية بخبرتها التاريخية المتراكمة منذ إقناع قوام الدولة رئيس وزرائها ستالين بالانسحاب من شمال إيران وإنهاء جمهورية مهاباد الديمقراطية الشعبية الكردستانية، مقابل صفقة عقد استثمار سوفيتي لحقول النفط والغاز في المنطقة، والالتفاف عليه لاحقاً، بعض ملامح قدرات الدولة الإيرانية على المناورة واللعب مع الكبار وإن كانت دولة نامية في حينها. وشهدنا عام 1988 كيف اقنع الراحل رفسنجاني رجل الدولة، وريث دهاء قوام الدولة، الإمام الخميني «بتجرع السم» وقبول إنهاء الحرب ضد العراق، بحكم ما يعنيه عدم القبول من إخضاع إيران للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بكل ما يعنيه من إنزال قوات دولية لوقف الحرب، بكل ما تعنيه من تهديد لإمن الدولة الإيرانية. واليوم، فيما يتصاعد التحشيد العسكري الأميركي، وتتحدث إسرائيل عن ضرورة تدمير المنشآت النووية الإيرانية، تتساقط ايام مهلة الشهر الترامبية لقبول إيران بتسوية مقبولة لواشنطن لملفها النووي، يبدي المفاوضون الأميركيون «مرونة» محسوية في اتصالاتهم بالطرف الإيراني، ويبدي ترامب نفسه رضاه عن بعض طروحات إيران بخصوص تأكيد الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. فيما يؤكد عباس عرقجي وزير الخارجية الإيرانية بمفردات دبلوماسية ذكية قبول طهران بالعديد من مطالب ترامب.
سلطات ايرانية
والمحصلة المؤكدة من كل قوة الضغط الأقصى الترامبي، وقدرات السلطات الإيرانية على التفاوض بفطنة وحنكة قوام الدولة ورفسنجاني ومحمد جواد ظريف المستبعد عن الصورة حالياً، أن وزير الخارجية الإيراني وطاقم التفاوض، سيقبل تعزيز الرقابة الدولية على المنشآت النووية الـ18، وليس تفكيكها كما يتحدث ترامب في سقف مطالبه ودعوات إسرائيل. إيران ستحتفظ بمنشآتها النووية مع القبول بتسليم اية مخصبات تتجاوز الحد المسموح له لطرف ثالث، على الأرجح سيكون روسيا، مقابل رفع تدريجي للعقوبات، وضمانات لسلامة إيران، بعدم تعريض إيران لأية تهديدات عسكرية من قبل نتن ياهو الذي يشارك زيلنيسكي في مصير واحد، الإزاحة ولو بعد شهور،
وهكذ نشهد سياسية الضغط الأقصى الترامبي تبعث للحياة قوام الدولة ورفسنجاني للحياة ثانية في الحفاظ على سيادة إيران وفرص تقدمها.