الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مدرسة البزاز.. حين أصبح للكلمة جناحان

بواسطة azzaman

مدرسة البزاز.. حين أصبح للكلمة جناحان

رائد فؤاد العبودي

 

حين وطأت قدماي عمّان ، كنت مجرد كاتب ناشئ ، لم تلامس أسطر قلمي آفاق ان أكون معروفاً على الاقل ، ولا تزال مسيرتي الصحافية في بداية خطوتها الاولى .

كنت احاول ان أجد لي موطئ قدم في هذا العالم الصحفي من خلال التعرف على الوجوه التي كنت أسمع عنها من والدي، الصحفي فؤاد العبودي ، دون أن أتوقع أن تكون بداية تواصلي مع صحيفة الزمان و الأستاذ الكبير سعد البزاز لتكون نقطة تحول في مساري المهني والشخصي .

كانت البداية عندما كتبت أول مقال لي، حول مأساة تعرضت لها قرية بوسنية من هجوم صربي مروع، ورحت أربط بين تلك الحادثة وما حدث في قرية آل جويبر في الناصرية، من قمع وقتل على يد النظام السابق . لم أكن أتوقع أن يلقى المقال أي اهتمام، إلا أن ما حدث بعدها جعلني أرى وجهاً آخر للإعلام، وجهاً لا يعترف بالمصادفة أو بالعرضية. فعندما وصل المقال إلى مكتب الصحيفة في لندن، لم يمر مرور الكرام، بل تلقيت اتصالاً من مكتب الزمان في عمّان بناءً على طلب مباشر من لندن ، للاستفسار عن مصادر المقال قبل نشره.

لم يكن هذا مجرد تدقيق صحفي، بل كان دليلاً على نهج إعلامي راسخ، وعلى إصرار لا يتهاون في السعي وراء الدقة والموضوعية، وعلى روح منفتحة لا تميز بين شمال وجنوب ووسط ، بل ترى العراق بأسره كيانا واحدًا .

أما التجربة الثانية، فقد كانت أكثر تأثيراً على صعيدي الشخصي ، ففي مرحلة لاحقة، تعرضت لمضايقات نفسية من بعض الصحفيين العراقيين المخضرمين الذين استاءوا من حصولي على مكافأة مالية تفوق ما كانوا يتقاضونه.

شعرت بالإحباط، وكتبت رسالة شكوى للأستاذ البزاز تحمل بين سطورها مشاعر الألم و جاء رده سريعا ، في رسالة مكتوبة بخط يده، كانت كلماتها مليئة بالتشجيع والتعزيز، تظهر دعمه لي وتشد من عزيمتي. ولم يتوقف الدكترر سعد البزاز عند ذلك، بل أرفق مع الرسالة مكافأة مالية، كما لو أنه أراد أن يطمئنني بأنني لست وحدي في هذا المسار، وأن هناك من يقدّر الجهد والإبداع، بغض النظر عن أسبقية الأسماء أو المكانة.

ان تلك اللحظات خلّدت في داخلي شعوراً عميقا من الوفاء لهذا الرجل، الذي لم يكن مجرد رئيس تحرير صحيفة وصاحب مؤسسة اعلامية ، بل كان أستاذًا وداعمًا لجيل كامل من المثقفين العراقيين في عمّان، في وقت كان يحمل بين طياته الكثير من التحديات والمشاق العظام.

واليوم، و بعدما استقر بنا المقام في الاغتراب وبدت حياتنا أفضل من ذي قبل في كل المجالات ، أكتب هذه السطور بعينين مليئتين بالامتنان، شهادة مني على إخلاص الأستاذ سعد البزاز لوطنه وشعبه، ووفاءً لمن كان له الفضل في توجيه مسار حياتي الصحفية، انا وكل جيل الاغتراب الصحفي في عمان .

تجربة شخصية


مشاهدات 83
الكاتب رائد فؤاد العبودي
أضيف 2025/04/07 - 1:05 AM
آخر تحديث 2025/04/07 - 3:40 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 665 الشهر 5649 الكلي 10586296
الوقت الآن
الإثنين 2025/4/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير