(حين يحاول الحبر أن ينقذ العالم)
قراءة في المجموعة القصصية (ملاك الكتب) للقاص الشاب علي الموسوي
والتي صدرت عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر – بيروت عام 2024
بعدد صفحات: 215 صفحة تقريبًا
حيدر عبد الرحمن الربيعي
مدخل
وأنا أفتح هذا الكتاب متنقلا بين طيات قصصه الداخلية بدأً من شخصية الياس مرورًا بالميناء وعروجا على اسطنبول لأدخل في البيت الموحش لتقف امامي مملكة العفاريت , وهدأ من روعي ملائكة الرحمة التي تلقتني بفيوضها النورانية لتكون سندا في معركة انقاذ الياس متذوقين لعصير دماء الكتب , والمغادرة لنصل الى مدينة ليوناردو بورخيس. وانا اتنقل بين هذه العوالم القصصية شعرت أنّي لا أقرأ قصصًا قصيرة فحسب، بل أفتح نافذة على روحي، كأنّ الحبر فيه مرآة تذكّرني بما حاولت أن أكتبه عن نفسي ولم أكتبه بعد.
في زمنٍ يضيق بالمعرفة وتغشاه سحب العدم، يطلّ علينا كتاب "ملاك الكتب" لعلي الموسوي كصرخة وجودية ضد محاولات طمس المعنى. هذا العمل ليس مجرد مجموعة قصص قصيرة، بل بيان أدبي/روحي يذكّر بأن الكلمة ما تزال قادرة على أن تفتح جناحيها، وأن الكتاب يمكن أن يكون أكثر من ورقٍ وحبر ومن الممكن أن يكون ملاكًا.
في فضاء القصص
يبني الموسوي عالمه حول شخصية إلياس، ملاك الكتب الحارس الذي يهبط بجناحين ليصون المعرفة من أعدائها. وإلى جانبه زينة وعبد الرحمن وأفّاق، في مشهد يبدو للوهلة الأولى بسيطًا، لكنه يتخذ أبعادًا رمزية, إنّ المعرفة لا يصونها فردٌ واحد، بل جماعة مؤمنة بالنور. القصص تُحاك بخيوط غرائبية، يتناوب فيها الواقع والخيال، والرمز والأسطورة. في كل حكاية نلمح صراعًا قديمًا جديدًا بين النور والظلام، بين صوت الكتاب وضجيج الجهل.
مواطن القوة
• الفكرة المركزية: تحويل الكتاب إلى كائن حي, ملاك يهبنا جناحين للعبور من الفناء إلى البقاء. فكرة بليغة، تُخاطب القارئ رمزيًا وروحيًا.
• اللغة السلسة: مناسبة للفتيان واليافعين، مع طاقة مشهدية تجعل النصوص قريبة من عالمهم.
• رسالة المقاومة: الدفاع عن الكتب بوصفه فعلًا وجوديًا، يجعل القارئ الصغير يشعر بأن القراءة بطولة، لا مجرد هواية.
مواطن الضعف
• البساطة المفرطة: اللغة أحيانًا تهبط إلى المباشرة المفرطة، فتفقد النصوص شيئًا من غموضها الجميل.
• التقريرية: الشخصيات تتحوّل إلى أبواقٍ لرسالة المؤلف، بدل أن تكشف عن المعنى عبر صراعها الداخلي.
• تكرار الحبكة: العدوّ يظهر، إلياس يتصدّى، والنهاية محسومة بالنصر. هذا التكرار يُضعف عنصر الدهشة.
• غياب العمق النفسي: الشخصيات تتحرك كرموز أكثر من كونها كائنات حيّة لها جروح وأحلام وصراعات.
• الفئة العمرية المستهدفة: النصوص تقف في منطقة وسطى, قد تبدو ثقيلة على اليافعين وسطحيّة على الكبار.
خاتمة
فالكتاب، في النهاية، ليس ورقًا يُطوى، بل صلاة سرّية، يُقيمها القارئ في محراب وحدته، ويُحسّ بها أن الملائكة لا تُقيم في السماء فقط، بل بين دفّتي كتاب.
يبقى "ملاك الكتب" عملًا صادق النية، يريد أن يعيد للكتاب هالته المقدسة، ويذكّر بأنّ المعرفة جناح الإنسان الوحيد للتحليق فوق العدم. ورغم هناته الفنية، إلّا أنه يضيء مكانًا معتمًا، ويقول لنا بوضوح: من دون كتاب، لن يكون لنا خلاص.
ادعو للترويج لهذه التجربة الشابة والاخذ بيده وبيد كل طاقة فتية تسعى لبناء جيل جديد من الشباب بناة المستقبل يعي خطورة المرحلة ليكون بناء الوطن من جديد على يدهم .
محبتي ...