أذن وعين
ما عدا مما بدا؟
عبد اللطيف السعدون
اعترف بأنني صاحب المقال «المسموم والخبيث» المنشور في هذا المكان من (الزمان) في 22 آذار 2025 تحت عنوان «عن أحزاب عراقية سادت ثم بادت»، وأقر بمسؤوليتي عن كل كلمة وردت فيه، وقد قرأت الرد الذي كتبه الزميل، باعتبار الزمالة الصحفية، مفيد الجزائري رئيس تحرير صحيفة (طريق الشعب)، والذي تعمد، مترفعا، تجاهل اسمي، وهذا من حقه طبعا، وأرى من المناسب الرد على الرد لتوضيح قناعاتي، وسوف أتجنب الرد على كمية الاساءات والشتائم والاتهامات التي حملها رد الجزائري لأنني أجد فيها حالة «محتوى هابط» لا أسمح لنفسي ان أشارك فيه، وثانيا لأنني لم اتوقع من قائد سياسي ان ينحدر الى هذا المستوى في النقاش، وعدم احترام الرأي الآخر.
أولا- يشير الكاتب الى أن مقالتي عرضت لتاريخ الحزب الشيوعي الطويل بعناوين «شديدة الايجاز»..الخ، والواقع أنني أكتب مقالة قصيرة ينبغي ان تكون أقل من 600 كلمة، وفي صحيفة يومية سياسية، ولست بصدد كتابة دراسة أو بحث في سياسات وممارسات الحزب الشيوعي، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر هل لي أن أسأل عن المراجعات التي أجرتها قيادة الحزب الحالية وهيئاته القيادية بهذا الصدد؟
ثانيا- يشير الكاتب الى ما ثبته في مقالتي عن «نكت راجت في الشارع العراقي»، ويهمني أن أذكره ليس بالنكتة التي أشرت اليها فقط، وانما بنكتة سابقة عليها أيضا تعود الى أيام «عرس» الجبهة مع البعثيين، والتي ملخصها أن شابا أضاف الى اللافتة المعلقة على مقر الحزب الشيوعي عبارة «لصاحبه حزب البعث العربي الاشتراكي»، وأحيله، للتأكد من ذلك، الى مقالة نشرتها صحيفة (التآخي) لسان الحزب الديمقراطي الكردستاني بتاريخ 27 حزيران 2024 تحت عنوان «نكت سياسية».
ثالثا- وبخصوص ما قاله الجزائري عن «ادعاءات كاذبة بقبول الحزب التمثيل الطائفي» أحيله الى ما كان أكده بول بريمر الحاكم الأميركي بعد الاحتلال عن أن البريطانيين نصحوه بضم أحد أعضاء الحزب الشيوعي الذي له رصيد كبير بين المثقفين الى مجلس الحكم، وأنه اجتمع بالقيادي المعروف عزيز محمد، ولم يكن مرتاحا له، ثم التقى بسكرتير الحزب حميد مجيد موسى الذي وصفه بأنه «ممتلئ ونشيط، وهو ينتمي الى الطائفة الشيعية (..) وأنه أحد أكثر أعضاء مجلس الحكم تأثيرا وشعبية»، لماذا اذن يحاول الجزائري أن يتجاهل قبول موسى عضوية مجلس الحكم ممثلا عن طائفته، ووقائع تشكيل مجلس الحكم واجتماعاته لا تزال حارة وماثلة في الأذهان، والماضي لا يموت، هو لا يزال حاضرا بيننا.
حماية منظومة
رابعا- وســـــــــــــــــؤال آخر: أي الأمرين «يخدم حماية المنظومة المحاصصاتية الفاسدة، واعادة انتاجها واطالة عمرها» مقالتي اليتيمة أمدخول مجلس الحكم الطائفي الذي أنشأته ادارة الاحتلال الأميركي، وترويج طروحاته؟
خامسا- هل ينكر الزميل الجزائري أن حزبه الذي أخرج مليون عراقي الى الشارع قبل عقود لم يستطع ان يحصل على مقعد واحد في البرلمان بعد الاحتلال؟
سادسا- هل قرا الكاتب مذكرات قادة الحــــــزب التاريخيين ومراجعاتهم لتاريخ الحزب الطويل، ورؤية كل منهـــــــــــــــــم للانشقاقات التي حدثت، وكذلك ما ثبتته أقلام كوادر متقدمة في الحزب قررت النأي بنفسها عن ممارساته في مراحل معينة، والانفصال عن الجسد الحزبي، وهل كل هؤلاء كانوا يتجنون على الحزب، ويريدون الاساءة اليه؟ ثم ما عدا مما بدا؟
سابعا- أرى أن من حق كل عراقي مهتم بقضايا شعبه أن يناقش في الهواء الطلق تاريخ الحركات السياسية وأفكارها وبرامجها وممارساتها، وأدعو صحيفة (الزمان) التي فتحت صدرها، مشكورة، لمقالتي النقدية أن تواصل هذا النهج، كما أدعو ممن يعنيهم الأمر من حملة القلم للمبادرة للإدلاء بدلوهم سواء في القضية التي نحن بصددها أم في القضايا الأخرى التي تهم حاضر شعبنا ومستقبله.
ثامنا- بعد كل هذا البلاء العظيم الذي امتد أكثر من 22 عاما علينا أن نبحث عن أية طقوس يمكن أن ترمم الخراب!