كلمّا إتسعتْ عيناك ِضاقتْ عِبارَتي
عبد الجبار الجبوري
تخذلنُي الرّيحُ،وتأخذني بعيداً عن سمائها الاولى،يسبقُني الليلُ،وتبعثرُني الكلماتُ،أتعلّق بذيلِ عباءتهِا،أسقط في بئر مفاتنِها،ومفاتنُها ليلٌ مُلقىً في الطرقات،أذكر حينما نلتقي،يحّمّر وجهُ القصيدةِ،وترتعشُ شفتاي من الخَجل،وأختبيءُ وراء ثيابي،كنتُ أقولُ لها،كلمّا إتسعّتْ عيناكِ، تضيقُ عِبارتي،عندها أطوي خَجلي على كتابي،وأجيءُ إليكِ يلفنُّي ألليلُ بعباءته،فأسرجُ لها غيمتي ،وبستان وجعي،وأجيئها متكئاً ،على غصنِ يومها ،تسبقني خطوتي نحو باب الدار،أفتحُ باب قلبي ،فتدلف بقامتها الملائكية،فترتّبك يداي، وترتعش روحي،وتموتُ بعيني ّمسافاتُ الشجن،ونارُ الكلام،يا ويحَ قلبي،لو دَنا المدى،ولكنَّ المدى ليس دانيا،تقترب الشفاه من الشفاه،وتعلو في الافق كركراتُ العصافير فوق الشجّر،أعصرُ من نهديّها خمرةً لقصائدي السكْرى،وأبوحُ لها كلَّ شيء،بما لم يُبحُ،وأرتّل لها ماتيّسر من سورةِ القَمر،أعرفُها تعشقُ القمر،وأعشقُ القُمر،لكنّ الريّحَ تداهُمي، وأنا مشغولٌ بحصاد سنابلَ طفولتِها، وقمحِ خديّها، وخمرةِ شفتيّها، وعشبةِ إبطيهّا بمنجل قصائدي،يرمقُني قمرُها البعيد،ويمطرُني بسحابةٍ من نور القُبل،لا قُبَل على الشفاه، ولا عَسل، لا قهوةٌ في فناجين صباحها الجميل،لا فيروز تشدو لصباحها الحزين، ولاعسعسَ ليلُها وغاب الدليل،ها أنا أرسمُ لها ،على رملِ روحي،سماءً مرصعةً بقُبَلِ الشّفاه،وليلاً غادرته النجومُ الى حقول الليل، على هودج الأسى،ولا حزن في القصيدة غير حزنها، لانار في مواقد البدو سوى نار الاسى، ولا بيرقٌ يرفرف فوق ساريتِها ، سوى بيرقِ العناق، ولاصهوةٌ غير صهوةِ البُراق،،أقولُ لها،كلما إتسعّتْ عيناكِ ضاقتْ عبارتي،وأصابنِي من وَلهٍ،دوّار البحر، وأحبكِ،كي تصهلُ خَيلي في المدى،وتمتليءُ روحي بألقِ الكلامْ...وأسبلُ عينيَّ وأنامُ الى ألأبد...