الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 التعريف وإبراز هوية عضو الضبط القضائي عند القيام بالإجراءات الجزائية 

بواسطة azzaman

 التعريف وإبراز هوية عضو الضبط القضائي عند القيام بالإجراءات الجزائية 

عماد يوسف القاضي

 

بات توجه التشريعات والقضاء الجنائي المقارن نحو جعل حماية الحقوق والحريات الاساسية للافراد من الأولويات عند اتخاذ الاجراءات الجزائية، وفي مقدمة متطلبات تطبيق ذلك؛ ان يكون هناك قاعدة قانونية تنظم إطار الاجراء وبشكل دقيق، وأن يكون القائمين على تنفيذ الاجراءات الجزائية والصادرة بأمر قضائي سواءً كانوا من أعضاء الضبط القضائي أو غيرهم على علم تام بأصول وغاية تلك الاجراءات من خلال ادخالهم في دورات وورش علمية فيما يخص الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، وصور تطبيق المبادئ الدستور، والمبادئ العامة للقانون الجنائي والمدني.

ولا يخفى اليوم ان قانون أُصول المحاكمات الجزائية يُعد المصدر الرئيس في تطبيق القواعد الاجرائية بحق المتهم، أو بحق من تطاله آثار الجريمة، وهو المقياس في التوفيق بين حقين أساسين: حق الفرد في الحرية وحماية آمنه. وحق المجتمع في الامن والطمأنينة. ونبراس تطبيق ذلك قاعدة: "عدم افلات مجرم من العقاب، وان لا يؤخذ بريء بجريرة مذنب". والتهاون في ذلك يكون تهديداً لآمن المجتمع واهدار لحرية الفرد، وهي غاية القانون الشكلي الجنائي، التي تطبقها الدولة من خلال السلطة القضائية.

ومما ينبغي التوقف عنده هو ان التشريع والقضاء المقارن وضع قاعدة قانونية في غاية الاهمية فيما يخص حماية حقوق وحريات الناس الا وهي : ضرورة قيام مأموري الضبط القضائي ورجال السلطة العامة ان يبرزوا شخصياتهم وصفاتهم عند مباشرة أي عمل أو اجراء منصوص عليه قانونا. إذ لاحظنا قانون الاجراءات الجنائية المصري رقم 150 لسنة 1950 تحديداً في المادة 24  والتي نصت "على مأموري الضبط القضائي ومرؤسيهم ورجال السلطة العامة أن يبرزوا ما يثبت شخصياتهم وصفاتهم عند مباشرة أي عمل أو إجراء منصوص عليه قانوناً، ولا يترتب على مخالفة هذا الواجب بطلان العمل أو الإجراء, وذلك دون إخلال بتوقيع الجزاء التأديبي". علما ان هذه المادة اضيفت للقانون اعلاه في عام 1998. وفي الاتجاه ذاته، المشرع الجزائري في قانون الاجراءات الجنائية الجزائري رقم  66- 155 المؤرخ في 8 يونيو سنة 1966 في المادة 44 منه. وهي أيضا اقرت حديثًا بموجب القانون رقم 6 0-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006.

وكذلك من القضاء الجنائي المقارن، ما قررته المحكمة الامريكية العليا من خلال وضع مبدأَ مفاده "ضرورة تعريف رجال انفاذ القانون بأنفسهم عند تنفيذ الاجراءات القانونية، مع خلال وضع شارة و ابراز هوياتهم" Terry v. Ohio, 392 U.S. 1 (1968). ولايزال هذا المبدأ مطبقاً في القضاء الامريكي لحد هذا اليوم.

وبالانتقال الى بيان موقف المشرع العراقي، وبالنظر والبحث في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقية رقم 23 لسنة 1971 المعدل النافذ؛ لم نرى مادة مماثلة كما في التشريعات المقارنة فيما يخص "التعريف وابراز شخصية عضو الضبط القضائي عند القيام باجراءات مكافحة الجريمة". ولذلك نرى من الضرورة الاخذ بهذا المبدأ للمبرات الاتية:

  1. يعد مبدأ أساسيا لاطمئنان الناس وعدم إخافتهم من القائمين بالإجراءات بإعتبار انهم رجال الدولة ، وقد يساعد الناس بعد الاطمئنان في تزويدهم بمعلومات عن الجريمة. واكثر من ذلك، فإنه يساعد على تحديد الجهة التي قد ترتكب المخالفة من رجال السلطة العامة؛ لتقديم الشكوى ضد الشخص الذي قام بالمخالفة، وكذلك معرفة ان الجهة التي قامت بالإجراء هل حصلت على الاذن للقيام بالاجراء، ام بدون اذن؟ لضمان عدم انتهاك حقوق الافراد.
  2. تعد هذه الضمانة قاعدة اساسية في الدولة القانونية، اذ تسعى الاخير الى جعل القواعد القانونية اداة لعملها، واضافة الى ذلك تجعله اداة لتقييد سلطاتها لصالح حقوق وحريات الافراد بجميع صورها، والتي استوحت مضمونها بالتأكيد من جميع القيم التي يؤمن بها المجتمع والمصالح التي تحميها.

وتأسيساً على ما تقدم؛ نرى من الضروري أخذ المشرع الجنائي العراقي بهذا الاجراء بإعتباره ضمانة هامة من ضمانات حقوق الانسان والتي تنعكس بالإيجاب على رجال الضبط القضائي والناس كافة وتحديدا المتهم والمشتبه به، والنص عليه كفقرة إضافية في قانون اصول المحاكمات الجزائية تحديداً في المادة (40 ) بفقرة جديدة والتي نرى أن تكون فقرة ج، وبالصيغة الاتية: "يجب على أعضاء الضبط القضائي ان يبرزوا شخصياتهم وصفاتهم عند المباشرة بأي عمل أو اجراء منصوص عليه قانونا، ولا يترتب على مخالف هذا العمل أو الاجراء بطلانها، وذلك دون الاخلال بمسائلته".

مع العلم ان هذه الاضافة توافق المادة 15 من الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ والتي نصت على انه "لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولايجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة .واضافة الى ذلك، تجعل التشريع الجنائي العراقي تواكب التشريعات والقضاء الجنائي المقارن في حماية الحقوق والحريات الاساسية للافراد في المجتمع.

 

مدرس القانون الجنائي

 

العراق / كركوك

 

 


مشاهدات 345
الكاتب عماد يوسف القاضي
أضيف 2025/02/19 - 5:39 PM
آخر تحديث 2025/02/21 - 8:58 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 342 الشهر 11569 الكلي 10406940
الوقت الآن
الجمعة 2025/2/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير