الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ريشة في مهبِ القدر

بواسطة azzaman

ريشة في مهبِ القدر

ثامر مراد

 

أركضُ بين الرياحِ والأحزانِ كمن يبحثُ عن ظلِّ قلبٍ في صحراءِ العمرِ. تأخذني الرياحُ شمالًا وجنوبًا، تحملُني كريشةٍ في مهبِّ القدر، ولا أملكُ سوى خطواتي المرتبكةِ في دروبٍ ضائعةٍ. أركضُ دونَ وجهة، كأنَّ الرياحَ تُريدُ أن تُنسيني وجهي، وكأنَّ الأحزانَ تزرعُ في قلبي دروبًا لا تنتهي.

تُلاحقني أصواتُ الذكريات، تناديني بأسماءٍ لم أعد أذكرُها، تهمسُ في أذني بحكاياتٍ كنتُ أظنُّها ماتت، لكنَّ الأحزانَ تحفظُ الوجوهَ حتى بعد أن تُغادرنا الذاكرة. أركضُ، وأشعرُ بأنفاسي تتقطعُ، لكنِّي لا أستطيعُ التوقُّف، كأنَّ الريحَ تأمرُني بالمضيِّ قدمًا، وكأنَّ الحزنَ يقولُ لي: «لا راحةَ لكَ إلا في المسيرِ المستمرِّ.» أركضُ بين الأشجارِ العاريةِ، فأرى أوراقَها اليابسةَ تُلاحقُني، كأنَّها رسائلٌ من ماضٍ لم يُغلقْ بابهُ بعد. أُحاولُ الإفلاتَ، لكنَّ الأرضَ نفسها تُمسِكُ بي، كأنَّها تُريدُ أن تذكِّرني أنّني مهما هربتُ، ستبقى آثارُ أقدامي شاهدةً على أنني مررتُ من هنا. أركضُ بين الرياحِ والأحزانِ، وأنا أعلمُ أن لا نهايةَ لهذا السباق، فأنا لستُ سوى ظلٍّ هاربٍ من نفسه، وصوتٍ ضائعٍ في صخبِ العاصفة.


مشاهدات 219
الكاتب ثامر مراد
أضيف 2025/02/19 - 5:18 PM
آخر تحديث 2025/02/21 - 8:36 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 347 الشهر 11574 الكلي 10406945
الوقت الآن
الجمعة 2025/2/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير