ريشة في مهبِ القدر
ثامر مراد
أركضُ بين الرياحِ والأحزانِ كمن يبحثُ عن ظلِّ قلبٍ في صحراءِ العمرِ. تأخذني الرياحُ شمالًا وجنوبًا، تحملُني كريشةٍ في مهبِّ القدر، ولا أملكُ سوى خطواتي المرتبكةِ في دروبٍ ضائعةٍ. أركضُ دونَ وجهة، كأنَّ الرياحَ تُريدُ أن تُنسيني وجهي، وكأنَّ الأحزانَ تزرعُ في قلبي دروبًا لا تنتهي.
تُلاحقني أصواتُ الذكريات، تناديني بأسماءٍ لم أعد أذكرُها، تهمسُ في أذني بحكاياتٍ كنتُ أظنُّها ماتت، لكنَّ الأحزانَ تحفظُ الوجوهَ حتى بعد أن تُغادرنا الذاكرة. أركضُ، وأشعرُ بأنفاسي تتقطعُ، لكنِّي لا أستطيعُ التوقُّف، كأنَّ الريحَ تأمرُني بالمضيِّ قدمًا، وكأنَّ الحزنَ يقولُ لي: «لا راحةَ لكَ إلا في المسيرِ المستمرِّ.» أركضُ بين الأشجارِ العاريةِ، فأرى أوراقَها اليابسةَ تُلاحقُني، كأنَّها رسائلٌ من ماضٍ لم يُغلقْ بابهُ بعد. أُحاولُ الإفلاتَ، لكنَّ الأرضَ نفسها تُمسِكُ بي، كأنَّها تُريدُ أن تذكِّرني أنّني مهما هربتُ، ستبقى آثارُ أقدامي شاهدةً على أنني مررتُ من هنا. أركضُ بين الرياحِ والأحزانِ، وأنا أعلمُ أن لا نهايةَ لهذا السباق، فأنا لستُ سوى ظلٍّ هاربٍ من نفسه، وصوتٍ ضائعٍ في صخبِ العاصفة.