ماذا سيحدث على يد ترامب ؟
عبد المنعم الاعسم
كثر الحديث عما سيحدث غداة استلام ترامب رئاسة الولايات المتحدة يوم العشرين من كانون الثاني، والمهم هو السؤال التفصيلي عما سيحل في منطقتنا العربية من مواجهات وزلازل، وفي بلادنا على وجه الخصوص، إذ يتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحررو اخبار واصحاب رأي معلومات استباقية عن عمليات جراحية «امريكية» لانظمة وتشكيلات مسلحة وزعامات تناهض الولايات المتحدة، فيما الأولى تتمثل في ان الادارة الجديدة في واشنطن تعد لسياسة جديدة حيال المنطقة لا أحد يعرف مفرداتها واولوياتها ومدياتها حتى الان، والحقيقة الثانية، يمكن قراءتها في رسائل ترامب الى نتنياهو بوجوب الانتهاء من حروبه قبل يوم العشرين من هذا الشهر، وكأنه يقول، لديّ الآن ما يشغلني في البيت البيضاوي وشؤون الادارة الجديدة والمشكلات الامريكية الاكثر الحاحا.
وتختلط في هذه المعلومات المخاوف بالتمنيات بتصفيات الحساب، أخذا بالاعتبار ان المنطقة شهدت عواصف تغيير في موازين القوى، لعل ابرز معالمها التغيير سوريا وخسارة ايران الرئة التي تمد منها نفوذها في المنطقة، فضلا عن النتائج الجيوسياسية لحرب اسرائيل على غزة ولبنان، حيث لم تتوقف عند حدود ما جرى ويجري في كل من لبنان وفلسطين وسوريا، وفي كل الاحوال، تدخل المنظورات وقراءة الاحتمالات في اضطراب لا سابق له، الامر الذي يدع الكثير من المحللين الاستراتيجيين الى الاعتقاد بان ما حصل من تغييرات وخسائر في الارواح والثروات ليس سوى توطئة لاحداث اكبر، واكثر دراماتيكية، وقد يقال ان عقارب الزمن فقدت دورانها التقليدي، وقد نتخلى عن شعارات كررناها على معابر حياتنا من مثل «ما مضى هو الايام الجميلة» والخطأ في ذلك ليس خطئنا، فمن زاوية يبدو اننا ضحايا مؤامرة اعدتها اشباح وأقدار وبشر من جنس الوحوش، والنتيجة، لا مفر من ان نستقبل الايام القادمة بالحذر حيال السيناريوهات التي يجري تسويقها بالسليفون اللماع، وقبل كل شيء ينبغي ان نُبقي شيئا ثمينا في ذاكرتنا بعيدا عن اللف والدوران: ازدراء برك الدم التي خوضنا فيها، بالنيابة عن الاخرين، فدفعنا ثمنها فيما خرج منها الغزاة سالمين.