الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عمليات تجميل سومريّة

بواسطة azzaman

عمليات تجميل سومريّة

مشتاق الميّاحيّ الجليحاويّ

 

العراق مهد الحضارة العلمية، بلد التي أنشأت الكتابة لأول مرة في تاريخ البشرية، منذ ذلك الحين شهد التعليم في العراق تطورًا متواصلًا، لكنه واجه العديد من التحديات التي لم توءد ذلك المشروع الذي أصبحت البشرية جميع تدين به لبلاد ما بين النهرين

ولحاجتهم لتوثيق الصفقات التجارية من إيرادات وديون ولتظيم القوانين واللوائح التي تحكم المجتمع ولتخليد الأحداث الهامة مثل المعارك والانتصارات ولكتابة الأساطير والقصص الدينية لديهم فقد قام السومريون باختراع الكتابة، مما سمح بتسجيل التاريخ وتسهيل أمورهم التجارية والاقتصادية وتدوين معاملاتهم وعقودهم التجارية والدينية والقانونية،

لقد كانت الكتابة السومرية نقطة البداية للتعليم في المنطقة والعالم؛ ذلك لكونها أقدم لغة ابتدعت حيث إن تأريخ اختراعها يعود إلى أكثر من ٣٥٠٠ عام قبل الميلاد، وقد بدأت بسيطة مطولة تعتمد تشبه الأسنان تكتب على ألواح طينية تصنع مخصصة لها بعد إن كانت في بدايتها صورية تدرج صورة الشيء المراد كتابتها مما جعلها مطولة متعبة، الأمر الذي أدى إلى تطويرها من خلال إعتماد رموز معينة اختصرت الكثير من الصور، رافق ذلك البراعة في الرياضيات وعلوم الهندسة فقد؛ اخترعوا النظام الستيني الذي لا زال قائماً إلى وكذلك الزوايا والزوايا الجيبية، ولم يقتصر عند هذا الحد بل شملت علومهم الأدب والموسيقى، هذا كله في مجتمع بدائي لا زال أقرانه في غياهب الجهل وعدم المعرفة، كان التعليم مكلفاً ويحتاج سنين طويلة من الدراسة وبكل تأكيد من يتفرغ للدراسة سوف يتخلى عن أية حرفة أو مزاولة أي عمل وهذا مثبت في الرقم الطينية التي توضح تفريغ بعض من الطبقة المتوسطة أبنائهم للدراسة وتحملهم مشقة العيش من حرث الأرض ورعي الدواب وجلب الحشائش وغير ذلك من أعمالهم اليومية،

الرقم الطينية أثبتت أن لهذا الشعب براعة كبيرة في الجانب الطبي ويمكن التأكد من ذلك من خلال مراجعة مواد مسلة حمورابي التي تتحدث عن تحديد أجور العاملين في مجال الطب والتداوي فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك مادة تتحدث عن أجرة من يشق العين ويخرجها ويعالجها بأنه له كذا قدر من شيقلات الفضة، مما يعني أن هناك جراحة للعيون، بل أكثر من ذلك حيث يتحدث المشرع -في المواد الأخيرة من المسلة بعد عرض تشريعه للطب- عن التجميل، وحين أقول التجميل فالكثير يستغرب وربما لا يصدق، لكن هذه هي الحقيقة، هناك عملية جراحية يترتب على إثرها إزالة الندب والوسم والوشم في الجسم حين يتحدث المشرع عن فرض غرامة على الحلاقين الذي يقومون بتغيير العبد إلى الحد الذي لا يمكن لسيده معرفته، القصد من هذا الكلام أن هؤلاء الناس وهم ليسوا أطباء "مزينين" يقومون بإزالة الوسم والوسم بالحرارة كأن يكون على شكل دائرة أو مثلت مثل وسم الصليب أو غيره فيزيلوه إلى الحد الذي يمكنهم من إخفائه وبالتالي يصبح صاحبه دون وسم أو وشم فلا يعرفه سيده، وهذا الأمر إن دل على شيء فإنه لا يدل إلا على تطور منقطع النظير، ليتنا نتعظ.

 


مشاهدات 36
الكاتب مشتاق الميّاحيّ الجليحاويّ
أضيف 2025/01/20 - 4:00 PM
آخر تحديث 2025/01/21 - 1:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 49 الشهر 9483 الكلي 10199448
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/1/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير