ثقافة الشعوب في تكوين الحكومات
لطيف دلو
خلال هذه الايام قرأت مقالة من احدى المواقع جلبت انتباهي الحاد الى الوقائع الواردة فيها وإن كانت واقعية أم خيالية من نسيج البشر، تفرض علينا اخذ الدروس منها شعوبا وحكومات لتصحيح مسار الحياة مفادها ، مهندسة خريجة هندسة من جامعة بريطانية ، حالياً من أكبر راقصات الشرق الأوسط بالرقص الشرقى ، مدير أعمالها مهندس نفط وفرقتها مكونة من طبال خريج ماجستير بالاقتصاد من جامعة فرنسية وباقي الفرقة مكونة من محاسب و مهندس وخريج فنون تشكيلية ، تعبت وجاهدت ولفت لسنوات وهى تبحث عن عمل بشهادتها الانجليزية ولم تجد عملا تلائم مهنتها ولكن هى الآن مليونيرة وحياتها وعلاقتها العامة ميسورة بعد أن احترفت الرقص ، واخيرا يؤول الناشر السبب بأن اوطاننا ويقصد دول الشرق الاوسط تحتاج كفاءات وليست الشهادات .
القصة بالرغم من قصر سردها إنها مثيرة للجدل وتحمل معاني كثيرة قد تشمل دول في الشرق الاوسط ، اغنى وأثرى منطقة في الارجاء المعمورة ، أصبحت ثرواتها الهائلة نعمة على بعض منها ونقمة على البعض الاخر حسب ثقافة شعوبها لان الشعوب هي التي تكون الحكومات التي تقنن الاوضاع السياسية والاقتصادية في تلك الدول وفق الشهادات والكفاءات اللتين اسست منهما حكومات من لا دولة اصبحت في قمة الرقي والتقدم و دول بكل مقوماتها الاساسية اوصلتها حكوماتها الى سجل الفساد العالمي وفق النظريتين الواردتين في ختام المقالة كما يلي:
1-دول قاعدتها الشهادات
كانت تحكمها مشايخ قبلية ، تفتقر الى ابسط قواعد الدولة ولكن رؤساءها تخلوا عن الموروثات القبلية البالية وانفتحوا على عالم العلم والتكنلوجيا واعتمدوا في بناء دولهم على قاعد الشهادات الفنية والعلمية وكل في إختصاصه وان كان من خارج بلدانهم واقتدوا بانظمة الدول المتقدمة وقادوا بلدانهم من نقطة الصفر الى ركب الدول المتقدمة اقتصاديا وسياحيا وصناعيا ولها ثقلها السياسي عالميا وأمنوا لمواطنيهم الامن والاستقرار والعيش الرغيد كأنهم من عالم اخر بالنسبة الى نظيراتها في المنطقة .
2-دول قاعدتها الكفاءات
هي اكثر ثراءا ولكن حكامها المتوالين على السلطة غارقين في اوهام الموروثات القبلية من التعصب القومي والديني والطائفي وعدم الاعتراف بالاخر وتمسكهم بالسلطة بالعصا والخبز واحاطوا السلطة بالمحسوبين والمنسوبين من الكفاءات الولائية والانتمائية لهم لضمان بقاءهم في السلطة إلى ما لا نهاية لها وجعلوا دولهم بؤرة للانقلابات العسكرية المتتالية والخلف أشد عنفا من السلف بالقتل الجماعي والتمثيل بهم وسحلهم بالشوارع وقتل الجرحى بالرصاص على سرير المستشفى والتشريد وكل حكومة تلعن سابقتها ووصلت الى سقوط الدولة والسلطة ونهب الاموال العامة ولم يكن التغيير إلا تكحيل الطائفية بالمحاصصة في سياسة الحكم وتفشي الفساد اصبح عائقا امام اصحاب الشهادات الفنية والهندسية الدخول في دوائر الدولة لممارسة اختصاصاتهم العلمية في التنمية للخروج من وحل سفك الدماء والتعصب الفكري الموروث الى ركب الدول المتقدمة علميا وتكنلوجيا ولم يبق امامهم إلآ ان يصولون ويجولون بحثا عن عمل لمصدر قوتهم بكفاءاتهم الذهنية واضطر الكثيرون منهم الدخول في مجالات اخرى كما فعلت تلك المهندسة التي لم تحصل على فرصة عمل في وطنه وامتهنت الرقص الشرقي بمصاحبة اهم الاختصاصات العلمية والفنية التي باءت مهاراتهم بالفشل الذريع أمام التعصب الفكري واوهام الموروثات البالية والفساد المستشري في حكومة بلادهم .
لا امل لاي تغيير في ثقافة شعوب غارقة في الخرافات والموروثات البالية في عالم متحضر مرتقي بالاختراعات بين لحظة واخرى نحو الذرى ما لم تغير ثقافتها كما ما ورد في الاية الكريمة:
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد 11 .