الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العمل الصالح

بواسطة azzaman

العمل الصالح

مخلص مولود

 

لا يخفى على الجميع ان العمل هو أساس الحياة وانه الدافع الرئيسي الذي يقوم بدور فاعل في بناء وتطور ما حولنا، هو من تبحث عنه ليوفر لك لقمة عيش هنيئة طيبة، هو من يسري بجسمك وفكرك الى مراتب عليا تعيش فيها حالة الاطمئنان والرفاهية.

للعمل مراتب واعلاها العمل الصالح الذي هو أساس النهضة والرقي لكل مجتمعات الارض، فلا صلاح للبشرية الا بصلاح عملها وما يقوم به افرادها من عمل مثمر، حيث ان مقومات العمل الصالح كثيرة فهو العمل الذي ينتفع به الجميع ويؤثر تأثيرا كبيرا في الحياة وينقلها بخطوات واسعة الى الحياة الرغيدة التي يسعى اليها الجميع،  كل الاديان تنادي به وكل العقلاء يحثون عليه، ولكنه اليوم اصبح نادرا، فإذا اخذت أي عمل ووضعته تحت الانظار واخضعته للنقد البناء لا تجده يرقى الى ذلك المستوى المطلوب من الصلاح، فقد تجد اعمالا لها فوائد جمة وبنفس الوقت لها اضرار على آناس او على البيئة وما الى ذلك، ان العمل الصالح لا يكفي ان يكون ذا فائدة محدودة ولكن يجب ان ينعدم فيه التأثير السيء والاضرار حتى لو كانت بأقل تقدير وتنحسر على مجاميع ضيقة في عالمنا.. اغلب العوائل تربي ابناءها على أن يبرزو في العلم ويحصلو على درجات عالية وهذا جيد ولكن اذا وضعت هذه العملية تحت المجهر سوف ترى ان غاياتهم النهائية هي الحصول على مكانة في المجتمع او على وظيفة ذات دخل عالي وبهذا قد اخلو بشروط العمل الصالح وبذرو بذور غير صالحة للنمو فلهذا ترى اغلب الاطباء (ليس الجميع ولكن اصف الواقع حولي) مثلا ليس همهم الا جلب المرضى الى عياداتهم فهم في اغلب الاحيان يريدون اشاعة المرض بين الناس لكي يجمعو ويكدسوا الاموال وما الى غير ذلك من طرق غير شرعية لكسب المال عن طريق التعامل مع الصيدليات وترويج بعض الادوية المكدسة...لا يقصر واقعنا الحالي على الاطباء فالمعلمون الذين يقصّرون في تدريس الطلبة من اجل ان يذهبو الى طريق اخر وهو التدريس الخصوصي الذي يدر ارباحا كبيرة وبذا اصبحت وظيفة المعلم عمل غير صالح لتلك الشوائب التي علقت به، التاجر يأتي بالبضائع الرديئة من اجل توفير قسطا من المال وكأنه خلق لجمع المال ولا دور له في هذه الحياة سوى رغد العيش والتمتع حتى ولو كان على حساب تعاسة الاخرين، أي عمل تقوم او يقوم به غيرك هو عمل لكسب فردي وانتفاع فرداني حيث ترى آثاره السيئة على الاخرين ولا تبالي، السيارة التي تعمل عليها وهي تبث سمومها الى البيئة لان المحرك خرج عن الخدمة، العلب الفارغة التي نرميها في غير ما خصصت لها، اصوات وضجيج المولدات الكهربائية والسموم التي تطلقها الى الهواء لتدخل كل تلك السموم الى اجسادنا وتكتم على انفاس الاشجار، البيئة تستغيث والارض تستغيث، انظر الى اؤلئك المزارعين يستخدمون مواد كيميائية تؤثر على سرعة نمو المحاصيل بدرجة كبيرة مما يجعل منها غذاء مهجن وغير طبيعي.

مصلحة فردية

ولكن ما الضير اذا كان الموضوع يدر ارباحا كثير ولو حساب على موت الاخرين وصحتهم، وهكذا وجه المجهر لكل الاعمال والوظائف التي حولك ستجدها خالية من الصلاح الذي هو امر حتمي للدخول الى الجنة كما تشير اليه كل الديانات السماوية. أي عمل في المنظومة الحالية برمتها لا يرقى الى العمل الصالح لان اساس ما قامت عليه هي المصلحة الفردية والمنفعة المادية وابعدت البشرية عن الاعمال النافعة في ذاتها واشغلتهم بالتنافس فيما بينهم، المشكلة الكبيرة في غياب العمل الصالح من حياتنا هو هذا الفراغ الروحي الذي يهاجمنا، هي تلك الهموم التي ترافق حياتنا، هو ذلك الظلام الذي يحيط بنا فلا نرى بارقة نور امامنا، هو ما يغشى ابصارنا على رؤية الافق الواسع امامنا، وبهذا تصبح حياتنا معقدة صعبة الفهم لا ندرك منها شيئا لان الطريق الذي اجبرنا على اختياره خاطىء ولا يرقى بنا الى مصاف اصحاب الاعمال الصالحة التي هي مقصد مهم من مقاصد الحياة وهدف سامي يجعل منا عناصر بناء نؤدي وظيفتنا التي ارسلنا من اجلها على اتم وجه....  وبهذا الابتعاد عن جوهر العمل الصالح وابعاده عن ساحة الحياة نشأت منظومة غريبة جعلت من المال اساس مقومات الحياة واتجهت بنا الى حيث التنافس والتناحر بدل من المحبة والايثار حيث اصبحت الانانية الفردية هي السائدة وهي التي لها القرار والوجهة، ومن هنا تغيرت ملامح حياتنا ومضت في طريق معوج لا أثر فيه للعمل الصالح ولا بارقة امل له

.. لابد من التفكير الجاد في واقعنا المؤلم الذي غاب فيه العمل الصالح مما جعلنا امة تعيش على هامش الحياة.  العمل الصالح يبقى وتنتشر فوائده ويستمر ليستفاد منه اجيال بعد اجيال على عكس العمل الغير الصالح الذي سرعان ما يندثر ويتلاشى سريعا..

عندما اخبروا العالم تيسلا ان هناك من يسرق ابتكاراته وينسبها لنفسه قال وما الضير المهم ان البشر يستفيد، هل عرفت سبب استمرار ابتكارات واختراعات العالم تيسلا الى الان؟

 

 


مشاهدات 950
الكاتب مخلص مولود
أضيف 2023/12/06 - 4:49 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 8:18 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 325 الشهر 7893 الكلي 9369965
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير