محمد گاطع يعد الطبيعة إختباراً حقيقياً لقدرات الفنان: اللوحة هي النافذة التي أرى العالم من خلالها

بابل - كاظـم بهَـيّــة

 محمد گاطع الكناني فنان تشكيلي ،خريج معهد الفنون الجميلة بغداد 2021-2022 ، حاليا طالب كلية فنون جميلة بغداد مرحلة ثانية  ،اقام 4  معارض  شخصية بين عامي 2005 – 2009  اضافة لمشاركاته في المعارض الجماعية التي إقامتها جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين و وزارتي الثقافة و الشباب والرياضة  ،فضلا على مشاركاته عربيا ، منها مسابقة ملتقى الشباب العربي في البحرين 2005. ممثلا عن فئة الشباب ومسابقة ملتقى الشباب العربي في الكويت 2017 . ممثلا عن فئة الشباب ،حاصل على المركز الاول في مسابقة دائرة ثقافة وفنون الشباب / بغداد – 2018 . وجائزة مسابقة عشتار للشباب 2017.جائزة مسابقة عشتار للشباب 2019.جائزة مسابقة عشتار للشباب 2022 ،له مقتنيات في عدة دول أوربية وعربية .ومعه كان هذا الحوار:

 ماذا تعني لك اللوحة ؟

-  كل شيء ، اللوحة بالنسبة لي شخصية أخرى تميز محمد گاطع ،حياة موازية لا تنالها من دونها ،اللوحة هي النافذة التي أرى العالم من خلالها نافذة صغيرة وكلما ضاقت اتسعت رؤيتي اكثر و اكثر من خلالها .

 انت من جيل الشباب ، او جيل الحداثة الابداعي ، فما هو تصورك وابرز ملامح الاضافة الفنية التي حققها هذا الجيل ؟

- انا انتمي لجيل عاصر و زامل  جيلين مختلفين في الرؤى والطرح ومناطق الاشتغال و التجريب   والتفكير، فنحن ادركنا فناني العقد السبعيني و أواخر الفنانين الستينين  وشاهدنا تجاربهم واطلعنا عليها ، وشاهدنا جيل الشباب الذين عقبونا ألا و هم جيل عقد التسعينات  لذلك أنا ارى ان جيلي هو حلقة ربط  وهمزة وصل بين جيلين مختلفين .

من ناحية الاشتغال و التجريب نحن التزمنا بتتبع اشتغالات من سبقونا و بحثنا في بحث ملتزم ورصين من أجل ان نكون امتداد لما سبق شرط ان يحمل في طرحه التجديد ضمن نسق صحيح غير مخالف متجدد بما يتلائم مع تحولات المرحلة من مضامين التجديد و التحول في العراق و اعتقد ان بحثنا كان اكثر التزاما ممن أتوا بعدنا كون ان تجاربنا أتت و استمرت في زمن قحط و شحة في كل شيء في مواد الرسم و ادواته من جانب  و شحة المصادر و ضعف المكتبة الفنية من جهة أخرى .

لذلك اعتمدنا اعتمادا كليا على البحث العملي اكثر من كل شيء ، في الوقت الحاضر  اصبح كل شيء متاح و متوفر مما ادخل على تجارب الشباب الآخرين عنصر الاستسهال و اوقعهم في فخ التقليد  و الدفاع عنه على انه تأثر لا اكثر ،هذا الشيء عاد سلبا لا ايجابا ً على تجاربهم و هذا لا يعني انه لا يوجد بينهم من هم مجربين جيدين بل على العكس هناك من عرف كيف يستفيد من حداثة المواد و التقنيات  و انتج شيئا يُفتخر به .

رسم الطبيعة

 هل استطعت ان توصل افكارك عبر ما قدمته من اعمال ؟

- نعم استطعت ان افرض في الوسط منطقة اشتغالي و تجريبي ، و استطعت ان اجد مكاني الذي استحقه بينهم مما سهل علي قضية عرض ما احب و ما اريد ان يراه الجمهور المهتم باشتغالات محمد گاطع ، رغم ان هناك من يرى ان في أعمالي مأساوية و اني متشائم في الكثير من الأعمال التي أقدمها لكن في الحقيقة هو ليس تشاؤم و لا سوداوية كما يعتقدها البعض  بقدر ما هي طرح منطقي للواقع المر الموجود و الذي نعيشه سوية فنانين كنا ام مواطنين بعيدين عن الفن و ضمن كل هذا التشوه الإنساني الحاصل في العالم  . هناك الكثير ممن لاموني على رسم الطبيعة العراقية بشكل بساتين ميتة و محترقة او رسم النخيل بشكل مقطوع الرؤوس او رسمي للأهوار  و هي جافة تماما و تملؤها جثث الجاموس او هياكلها العظيمة او مشاحيف جافة و مهترئة تشققت خشبات حوضها  و طبعا كنت سباقا في مواضيعي هذه فأنا رسمت الاهوار بهذا الشكل و هي كانت مليئة بالمياه منذ عام 2009 ، لكن بمجرد ان تتأمل الوضع بشكل جيد و منطقي سيتضح لك مستقبل الأشياء او على أقل تقدير مستقبلها القريب و انا كنت أرى أن الأشياء تتجه بهذا الاتجاه كنت اتصور من خلال المعطيات الموجودة على أرض الواقع من خلال إهمال كل تلك المساحات الخضراء و قتلها عمدا و تخريبها و فعلا صدقت تصوراتي و رؤيتي التي كنت أراها بان مستقبل هذه الجنان ستكون بهذا الخراب ، اعتبر نفسي محظوظا  كوني رسمت بعض الأماكن وهي زاهية و مزهرة ثم اعدت رسمها وهي في بداية تجريفها  و رسمتها وهي ارض  بور جرداء .لذلك و باللاوعي  اصبحت ارسم الأشياء من خلال تلك الرؤية و لا اخفي عليك لا يهمني من يراها سوداوية  فأنا على يقين بأن يوما ما  ستُذكر على أنها كانت عين الصواب و تجربة منطقية  و رؤية واقعية  .

 ما سر الطبيعة  في لوحاتك دائما وماذا تعني لك ؟

-الطبيعة بالنسبة لي مصدر راحة و استرخاء و هي اختبار حقيقي لقدرات الفنان و إظهار مكتسباته من المهارات و المعالجات التقنية في أعماله .و انا احب ان ارسم الطبيعة بشكل مباشر و ليس بداخل الاستوديو او ان ارسمها نقلا عن صورة ،فهي رغم الانضباط الذي يجب أن يتحلى فيه الفنان أثناء رسم الطبيعة الا انها في نفس الوقت تمنحك شيئا من الحرية  لأن تتصرف باقتطاع المشهد الذي تريده من أمامك وسط هذه المساحات المفتوحة التي غالبا ما تُشتت الفنان و تُضعف موضوعه و هذا يعتمد على كمية تراكم الخبرات لدى الفنان.

 هل انت من الذين ينحـــــــصر بأســـلوب واحد ؟

- أنا لا احب ان اتقيد بنهج واحد ، لذلك أنا جربت و انتجت اعمالا في اكثر من اتجاه فني ،فأنا بدأت الرسم بواقعية مفرطة و استمريت فترة طويلة ثم بدأت ارسم بطريقة أكاديمية اكثر حرية وهذه كانت اول محاولة للخروج عن الواقعية المنضبطة ، حيث كان لا يهمني الشكل فيها بل كان ما يهمني في العمل الفني الاحساس بالحرية في رسم الشكل و خلق عالم لوني غير مألوف في عين المتلقي، و بصراحة الواقعية المنضبطة تفرض عليك ان تنقل الواقع  بشكل امين لذلك لم تمنحني ما اريد ان اصل إليه، ثم بعد ذلك اكتشفت ان الطريقة الأكاديمية بالاشتراك أيضا هي الأخرى عقيمة لا تمنح للرسام كل ما يريد فبدأت الرسم بطريقة تعبيرية وهنا حصل التحول الاعم بصراحة في تجربتي فهذه المنطقة اعطتني ما اريد اصبحت اجعل الأشياء تنفلت من هيئتها اصبحت أملك خطابا أرسله للمتلقي اخبره بأني اعرف اشكالا لا تستطيع أن تراها الا من خلال عيني و يدي .ثم اخذت التجربة في التحول و الخروج عن جمودها حتى اصبحت ارسم بطريقة تجريدية و هنا فُتحت لي آفاق جديدة و واسعة من التجريب.

 ايهما يعتبر مهما اكثر من غيره بالنسبة لك الفكرة ام  اللون ؟

- ليس شرطا ان اميل الى أحدهما،  بعض الاعمال لا تتحقق الا من خلال اللون و بعضها لا يكون اللون مهما إزاء الفكرة ، لكن اكثر ما يهمني هو عنصر ثالث و هو الأداء داخل العمل الفني .