الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإعلام وفاجعة الحمدانية

بواسطة azzaman

الإعلام وفاجعة الحمدانية

سامر الياس سعيد

 

عرضت احدى الفضائيات قبل نحو يومين  تسجيلا بينت فيه احتضار احدى ضحايا فاجعة قاعة الاعراس  ببلدة بغديدا دون احترام للحظات الاخيرة التي كانت فيه تلك الشهيدة تودع الارض لتلحق بقوافل الماضين نحو الملكوت  في اقسى فاجعة شهدها العالم حينما تحول فرح وسعادة المدعوين لالم وماساة قضت على اكثر من 100 مدعو فيما احرقت النيران  اجسادا اخرى لتبقى تنوء بما القت به حمم القاعة المنكوبة  ولتحمل ندوبا من حفلة العرس التي ستبقى تفاصيلها راسخة في الاذهان . ويبقى السؤال  حول مدى امكانية الاعلام  في كونه اذكى شرارة تلك الاحداث التي شهدها  العرس  ليجعلنا في خط فاصل  بين اعلاميين يملاؤن فضاء السوشيال ميديا بفيديوهات  تبين اللحظات الاولى لاحتراق القاعة فيما القسم الاخر  يسعى للتدقيق واستخراج روح المسكتشف الكامنة بداخله لينتج فيديوهات اخرى  يبرز من خلالها ان الحادث كان عرضيا او في المقابل يمكن  ان يسهم في ان يبحث عن ابرة وسط كومة قش ليؤكد ان الحادث مفتعل وليؤجج نيران القلوب التي تشتعل بفقدان الاحبة ، اما الفيديوهات الاخرى التي تسعى لانتاجها قنوات فضائية  تستهدف من خلالها الحصول على كم مناسب من المشاهدات فهذه ترقص على جراح المنكوبين من اهالي الضحايا حينما يسال المذيع اسئلة  لهم تبحث عن شعور او مجرد كلمة وحينما تشتغل الماكنة الاعلامية لانتاج عشرات الفيديوهات التي  يمكن ان تضع الزيت على النار او تؤجج قلوب اخرى  فيما تبحث كاميرات اخرى عن متحدثين  فهذا  الاعلامي ذو القلب المحزون بفقدان امه يمكن ان يتحدث بما ينبئه قلبه  المحترق لابعقله فحينها يتلقف تلك الكلمات من يتصيد بالماء العكر  ليبدا رحلة ادانة اخرى  فيما صوت الحق العالي يقول لاتدينوا لكي لاتدانوا  وكم من حذاء لمصور او اعلامي قد داست على  اطراف محروقة او اجزاء من اجساد لفها الحريق فحولها لرماد دون احترام للضحايا  بل احتراما للسبق الصحفي او مزيدا من فيديوهات الالم التي يملا بها فضاء  الكون لتنتج نفسيات مهزوزة مكتئبة  تحاول الخروج من عنق الازمة دون جدوى . اما فضائية اخرى فتحاول توظيف تقنيتها باكتساب اصوات مجهولة مبهمة لتخفي ورائها اخر صور الحفلة المؤلمة ولتكتب على شاشتها بان ما يسمع من اصوات ما هو  الا اصوات الانفاس الاخيرة لشهداء قضو في القاعة في اولى ساعات الحريق  وهكذا يحصد الاعلام المبني على تلك المشاهد  معدلات قياسية  في نسب المشاهدة  ليسهم ايضا بحصد معدلات من  الاكتئاب  والالم والحيرة  التي يزرعها  نائب  لاهم له الاالصراخ مدافعا عن كتلته  الغارقة بسيل الاتهامات  فضلا عن صراخ رجل دين لايفقه الا ان يقول مرارا عيب  وعيب  وكانه امام حشد كبير من الناس  يذعنون له  ويطاطاون رؤسهم امامهم  لانه هو فقط من يفقه بالادب واللياقة والاخرون لاهم لهم بهذه الامور البروتوكولية .. فعلا نحن بحاجة لاعلام مهني  يستهدف احترام تلك القاعة  دون اقتحامها بحجة تصوير اشياء لاقيمة لها اصبحت رمادا واثرا بعد عين  فالقاعة بعد هذا الحادث يجب ان تكون بمتناول الباحثين عن الحقيقة فحسب من ذوي الاختصاص  لا ان تكون محطة الباحثين عن الشهرة وركوب الموجة  او جزء من برنامج الزيارة للبلدة بغية التخفيف عن هول المصابين وذوي الضحايا .نعم الماساة عميقة لكنها لاتجعلنا  نضع رؤوسنا فحسب كالنعامة في الارض  لكننا نبحث عن وميض النور في الحقائق  التي لو قلبناها لادركنا ان القاعة كانت مجرد قنبلة موقوتة  على وشك ان تحرق القلوب في اي وقت بسبب انقيادنا للتقليد ومحاكاة  الاخرين دون ان نملك نمطا للفرح كفيل بادراكنا لهويتنا فلا عرس يمكن ان يكون عرسا بدون تلك الشرارات  التي ينظرها العريس او صاحب الحفل فيدرك انها مثل نقوده التي تطايرت هنا وهناك  لانتاج حفلة لاترضيه هو فحسب  بل ترضي المدعوين  ممن سيتكلمون عن عرسه لايام ولاسابيع  وقد تطول لسنين .

 

 

 


مشاهدات 726
الكاتب سامر الياس سعيد
أضيف 2023/10/11 - 1:10 AM
آخر تحديث 2024/07/16 - 10:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 369 الشهر 7937 الكلي 9370009
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير