عزرائيل بين فلسفتي النص والعرض.. لمسات واضحة للمخرج على إيقاع عمل يتغنّى بالحياة

 عزيز جبر الساعدي

(مسرحية عزرائيل  تأليف مثال غازي  وأخراج أسامة السلطان ، تاريخ العرض 2  أيلول الجاري على مسرح الرشيد ).

يعقد المؤلف مثال غازي يعقد صفقة بين الحياة والموت بدلالة الانتصار للحياة ،مسرحية عزرائيل سيمفونية  بايقاع جديد تتغنى للحياة فهل نجحت ؟

النص له قراءة سابقة( الاحداث في مستشفى) بينما في هذا العرض في المسرح تدور كل الاحداث.

ممثلة مسرح وهي تنهي العرض  تجد نفسها وقد أصابها الاعياء ثم الموت ,في العالم الاخر المفترض يأتي (عزرائيل) ليأخذها الى نهاية حياتها لتبدأ بمشوار الموت النهائي ,وهنا يتدخل المؤلف ليحكي لنا فلسفته المستمدة من جدلية الموت والحياة .

الرجل: تصوري  قد جئت الى هنا  لاسلب روحك , وها انت تسلبين روحي .ربما لم يتح الوقت  للتعرف  على الحياة  خارجا  ولكن  يكفي  اني عرفتها  من خلالك.

 وقد يأخذنا الحوار الى مديات تتحمل الاشارات الكثيرة بين القوة الغاشمة والحرية وقد يعطينا اشارات توحي بالضعف والقوة و.. و..الخ من الدلالات التي لانريد ان نحملها في عرض اليوم الذي لم ياخذ الا الجانب العاطفي المرتبط بحلم الانسان وتعلقه بالحياة ,ونحن نعلم ان

التراث الإنساني مليء بالآراء والمعتقدات والمواقف والمذاهب المتعلقة بمفاهيم الموت والحياة والروح والخلود..

ففي ديانات شعوب الرافدين نرى أن الإنسان حسب تلك الديانات هو الذي اختار قدره ومصيره فالآلهة خلقته سعيداً وخيّرته بين الخلود والموت من خلال منحه حرية الاختيار بين  الجنة وبين الثمر المحرم الذي يقود الإنسان إلى الخروج من النعيم والى الموت..

وقد حاولت أساطير شعوب الرافدين وملاحمهم ودياناتهم التغلب على الموت بمساعدة الآلهة واكتشاف سرّ الخلود الأبدي الذي خسره الإنسان مختاراً بعد أكل الثمرة المحرمة..

ونلاحظ أن البحث عن سر الخلود كان محور أساطير الديانات الرافدية وآدابها.

ولن يستطيع الإنسان الحصول على هذا السر ولذلك بقي الموت أمراً حتمياً لا راد له.

الفكر الفلسفي يقول .. عند الموت تعود النفس فتنفصل عن الجسد بعد أن تكون قد تجسدت وسقطت وهو ما يسمى بثنائية النفس والجسد.. حيث تولد الحياة الإنسانية من هذا اللقاء الإنساني ويحدث الموت لدى انفصالهما..

ونحن نبحث في ثنايا النص نجد ان الكثير من المدلولات تنطبق عليها بعض الاسئلة .

في القرن العشرين وأمام العديد من الأسئلة المطروحة والتي لم تجد بعد إجاباتها الكافية حاول تيار فلسفي آخر وهو التيار الوجودي أن يقدم تصوره للمسألة.. يقول (غابرييل مرسيل) أحد فلاسفة هذه المدرسة:(إن الرغبة في تحليل مشكلة الموت لا تفرض علينا القبول بضرورته فالموت ليس موضوع تأمل فكري بل هو تجربة تعاش كما يتعايش المرء مع السر.. فالموت لحظة حاسمة من لحظات هذا الوجود ينبغي أن نستسفر من الحياة عن طبيعة تجربة الموت وعن احتمالاتها).

وذكاء المؤلف تجسد في الحوار التالي بين عزرائيل والمرأة ,ليجسد لنا فلسفته في هذا العرض .

  وقت الحياة

المرأة: ماذا لو سالتك من اكون ؟

الرجل : شيء انتهى وقته

المراة : (باستغراب) وقت ..عن اي وقت  تتحدث ؟

الرجل : وقتك في الحياة

المراة: اذا انت  ترى ان وقتي  في الحياة  قد انتهى

الرجل: وهذا  يعني ان وقتك  في الممات  قد بدأ

( ان القيم  او الحرية  التي تمثلها الممثلة هي علامة فارقة في كل زمان ومكان بوصفها رمزا للحياة واعلانا للحرية )

ما كنت  لاحلم  بيوم كهذا  فكل احلامي تتعلق  بالحياة

الرجل: وماذا عن الموت ؟

المرأة : صدقني  لم افكر  به يوما  ولا اريد  كحال  كل الملايين الان من البشر  على الارض . فكل يوم  تشرق فيه الشمس  كان لي بمثابة  الحلم .

الوقت كل الوقت  هنا  للحياة  ولا مكان للموت  حين تفكر بالحياة .

في الوقت الذي يتناول القران الكريم مفردة الموت نهاية الجسد لتبقى الروح مرفرفة لليوم الموعود.

وعن الامام علي عليه السلام يقول (تحفة المؤمن الموت) وإنما قال هذا لأن الدنيا سجن المؤمن لا يزال فيها في عناء في رياضة نفسه ومقاساة شهواته ومدافعة الشيطان فالموت إطلاق له من العذاب والإطلاق تحفة في حقه لما يصل إليه من النعيم الدائم.

وبعد فالموت خلق من خلق الله وما من خلق إلا وفي إيجاده حكمة بالغة، والموت باب وكل الناس داخلوه والأجل مفتاح ذلك