أبو إيمان معجل الملاجياد.. وداعاً أيها المناضل الصلب

سبهان ملاجياد

انتقل الى رحمة الله قبل قليل في اربيل اخي وقدوتي في الملمات والخطب وفي طرق النضال الوعرة الاخ معجل الملاچياد ابو ايمان عن عمر ناهز الثلاثه والثمانون سنة وانتهت بذلك سيرة شخصية لاتمثل نفسها فحسب بل تمثل سيرة جيل كامل من المناضلين الاشداء في سبيل شعوبهم وبلدانهم حيث لم يعيش ابو ايمان حياته من اجل نفسه كما يعيشها الاخرون بل عاشها من اجل بلده وفكره العروبي النقي.. ولد في نهاية العام 1939في قرية احليوات التابعه لمحافظة نينوى حينها ودخل في العام 1959معترك العمل السياسي حاله حال شباب جيله وساهم في العام 1961بتأسيس مؤتمر القوميين الاشتراكيين مع الاخ المرحوم اياد سعيد ثابت وشقيقه دريد سعيد ثابت ودخلوا جميعاً في حلبة الصراع السياسي المتقد حينها بين اطراف عديده وبعد عام 1968وتموزه اصبح حزب المؤتمر من المعارضين للتغيير الذي حدث وكذلك الاخ معجل وعائلته.

وفي نهاية عام 1970اودع في سجن قصر النهايه لمدة عام تقريباً ذاق فيها الامرين،خرج من السجن نهاية العام  71وماهي الا أشهر قليله واصبح مطارداً ثانية مما اضطره الخروج الى سوريا قبلة المعارضين حينذاك وبقى يتردد متسللا عبر الحدود بين العراق وسوريا وينشر الخلايا الحزبيه في عدة محافظات عراقيه الى ان القي القبض عليه في مدينة الحضر في شباط عام 73وكاد ان يعدم حينها لولا حدوث محاولة ناظم گزار الانقلابيه عندها اطلق سراح القوميين من كافة اصنافهم. ولم يترك الاخ معجل قضيته التي آمن بها بل تحرك لاعادة تنظيماتهم مجدداً  وكانت النتيجه إن القي القبض عليه للمره الثالثه في عام 76وحكم بالسجن المؤبد، وبعد اعدام الشيوعيين الثلاثين في نهاية صيف عام 78صدر قرار بالعفو العام في خريف عام 78 سمي بعفو البكر وخرج الاخ ابو ايمان من السجن حينها(وللعلم كنت انا ايضاً قد تعرضت للتوقيف في مديرية امن بغداد لنشاطي اليساري مع اصدقاء آخرين لاكثر من شهر حينها) كذلك كنت ازوره في سجنه في ابي غريب وكانت الاعدامات حينها تنفذ فجراً وكنا نسمع اخبارها منه ومن زملائه.. وبعد خروجه المره الثالثه من السجن جرت مطاردته مجدداً واضطر للمغادره سراً الى الجمهوريه العربيه السوريه كما يحلوا له تسميتها دائماً هكذا، كنت حينها ايضاً مطلوباً ومعتمداً عليه في إخراجي خارج الحدود واوعدني ان يخرجني اما الى كردستان او سوريا وعندما تضايقت من المطارده في بغداد جئته ليلا وقالوا لي انه استطاع الافلات منذ شهرين ووصل الى سوريا منذ اذار عام  79وفي حزيران عام  79استطعت اللحاق به سراً وكان رجاء المرحوم الوالد ان نعمل سويةً على اقل تقدير إن كان لابد من معارضتنا للنظام لكننا كان كل منا معتز بخطه وفكره.. والتقيته في سوريا صيف  79لم يكن لديه لجوء سياسي هناك كما حصل لبعض رفاقه تحفظاً من التدخل في شؤونهم سورياً وكان بقائه هناك بناءً على توصيه ليبيه كما قال لي ولعلاقته الطيبه مع المرحوم عبدالجبار الكبيسي الغني عن التعريف.. بقى في دمشق حتى عام  86بعدها غادر الى المانيا وحصل على اللجوء السياسي هناك واستقر فيها حتى عام  2004حيث عاد الى العراق عبر الاردن بوثيقة سفر لسفره واحده والطريف ان الالمان عرضوا عليه الجنسيه الالمانيه مرتان ورفض ذلك وقال لهم ما نصه ان اتجاهي السياسي لايسمح لي حمل جنسية اخرى غير جنسية بلدي كوني عربي قومي.... بعد عودته الى العراق حاول لملمة الشتات القومي والعروبي بمختلف مجموعاته لكنه لم يستطع الى ذلك سبيلا.. حاولت دفعه للدخول في العمليه السياسية بعد اقرار الدستور لكنه ابى ان يدخل ونصحني ان ابقى بعيداً ايضاً عن الدخول طالما هناك قوات محتله وبعد الحاحي ثانية عليه للدخول بعد عام  2008وبدء انسحاب الامريكان رفض ايضاً وقال من المحتمل ان تتهيأ الظروف المناسبه بحدود عام 2018 إذا كان الانسحاب حقيقي واذا ارتقى الوعي بعرب العراق الى ان يتمسكوا بالهويه العراقيه على حساب الهويات الفرعيه.. وجاء عام 2018 الا ان الظروف كانت مهيأه لردة الفعل على التشظي والانقسام  والفساد والاختراق فكانت تشرين ودروسها الغنيه..بعد التاريخ المذكور قضاها في صراع مع المرض الى أن غادرنا اليوم الى رب رحيم قد يعوضه دفئاً لم يجده في وطنه وقد يعيد ترتيب افكاره الى حقيقة اخرى تقول أن مابين الحياة والموت فعلاً انسانياً واهدافاً نبيله تسخر من اجل صفو الحياة وانسانيتها وانسيابيتها الطبيعيه.. نم ابا ايمان قرير العين ولروحك السلام الابدي فقد كفيت ووفيت لكل شيئ اسمه مبادئ واسمه وطنيه .. نسأل الله ان يتغمدك بواسع رحمته وانا لله وانا اليه راجعون.

{ عن مجموعة واتساب