الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
30 تموز 1968  في مذكرات إبراهيم الداود

بواسطة azzaman

30 تموز 1968  في مذكرات إبراهيم الداود

محمد مظفر الادهمي

 

 لم يكن من السهل القيام بأي انقلاب عسكري في العراق ضد حكم الرئيس عبدالرحمن محمد عارف رغم ضعفه ،لان قيادات الحرس الجمهوري والفرق العسكرية كانت موالية له ، الا من كان يخفي نواياه ومنهم معاون مدير الاستخبارات عبدالرزاق النايف وآمر الحرس الجمهوري ابراهيم الداود . وكان احمد حسن البكر رئيس الوزراء الاسبق و امين سر القبادة القطرية لحزب البعث والطامح في العودة الى الحكم ،يعلم ببواطن الامور  بحكم قربه من القيادات السياسية والعسكرية ، وكانت لديه معلومات عن تحركات النايف والداود ، فقرر الحزب التقرب الى هذه الكتلة  للاتفاق معها على اقصاء الرئيس عارف واستلام السلطة . ولكن الاتفاق تم مع ابراهيم الداوود لوحده ،ولم تكن هناك رغبة للتعامل مع النايف ، الا انهم وخلال التحضير للعملية الانقلابية وعندما كانت القيادة القطرية مجتمعة في بيت أمين السر احمد حسن البكر فوجيء الجميع بمجيء مرافق عبد الرزاق نايف إلى بيت أحمد حسن بكر. يحمل رسالة وعندما قرأها البكر ظهر على وجهه شيء من الإرتباك. ويقول صلاح عمر العلي عضو القيادة القطرية انهم  صُدِموا وواجهوا مشكلة لانهم كانوا قد وضعوا  عبدالرزاق النايف على قائمة الخصوم. وبعد مناقشة الموضوع وصعوبة وخطورة تاجيل التنفيذ قرروا الموافقة على ان يتم تصفيته هو والداوود عند استلامهم السلطة  لانعدام الثقة بهما بعد الذي حدث ، ولذلك كتبوا رسالة لعبد الرزاق نايف ، وقالوا له ستكون غداً صباحاً رئيس وزراء إذا وفقنا الله.وسلموا الرسالة الى مرافقه احمد مولود مخلص الذي كان بعثياً مرتيطاً بالحزب دون علم عبدالرزاق النايف .

النايف ومطعم فاروق

ويؤكد هذا الأمر ابراهيم الداوود في مذكراته ويقول ان النايف لم يكن يعلم بموعد التنفيذ وانه قرر ابلاغه ليلة التنفيذ ، وقد أبلغه في لقاء معه في مطعم فاروق بالمنصور. ويضيف :

ذهبنا أنا والنايف الى مطعم فاروق وجلسنا في زاوية  واخبرت النايف انني قررت الاطاحة بعبدالرحمن عارف  وان البكر وحردان وعماش يعرفون بموعد التنفيذ.

وعندما صارت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل قلت له انني سأتوجه الى البيت لارتداء الملابس العسكرية . وخلال وجودي في البيت دق عبد الرزاق النايف الباب ، واذا به يقول لي أخبرت البكر وجماعته بمشاركتي فجن جنونهم واصروا ان يروك ولو لدقيقتين . ذهبت الى بيت مولود مخلص فاستقبلني البكر قائلا :يا أخي أبو أركان هل حسبتها جيداً ؟ فأجبته ستكون مثل شربة السيكارة ..اطمئن"

وعندما نجحت العملية صباح يوم 17 تموز واقصي الرئيس عبدالرحمن محمد عارف عن الحكم وحل محله احمد حسن البكر ، قرر البعثيون التخلص من النايف والداود استنادا الى قرارهم ليلة التنفيذ ،لكن البكر طلب تأجيل هذا الامر لانه لم يبدر من النايف والداوود ما يدل على سوء نية ، الا انه  عاد فجأة ليطلب في اجتماع لاحق الاسراع للتخلص منهما لانهما يتحركان ويتــــــصلان بالضباط للانفراد بالسلطة وابعاد البعثيين عنها .

ويضيف صلاح عمر العلي انهم اجتمعوا في بيت صالح مهدي عماش. ووضعوا خطة للتخلص من عبدالرزاق النايف وابراهيم الداوود واتفقوا على تنفيذها،  وفي ضوء هذه الخطة أرسلوا إبراهيم الداوود إلى الجبهة الشرقية في الاردن لتفتيش القطعات العسكرية ،فكان ابعادا له.

كيف اقصي الداوود

يقول الداوود في مذكراته :"عند سفري الى الاردن اعطوني طائرة رئيس الجمهورية وودعني اعضاء مجلس قيادة الثورة .وبعد تفقدي للقطعات اصدروا في اليوم التالي امرا باعفائي .فقررت العودة الى بغداد بطائرة صغيرة خصصها لي الملك حسين , وعندما وصلت الطائرة فوق بغداد اضطرتنا طائرتان حربيتان عراقيتان الى العودة والهبوط في مطار اج ثري، ومن هناك اجبروني على الذهاب الى روما واستقبلني السفير العراقي ، وابلغني بتعييني سفيرا في اسبانيا ، وقد رفضت في البداية وبقيت في روما حوالي 11 شهرا تحملت السفارة نفقات اقامتي ، الى ان اقنعتني عائلتي بقبول المنصب فسافرت الى هناك وبقيت سفيرا الى ان تم اعدام شقيقي عبدالوهاب فقدمت استقالتي ، ولجات الى السعودية"

  في حينها سألت شقيق الداود الرائد الركن عبدالوهاب الهيتي ، وكنت اعرفه ، عن أسباب قبول الداوود مغادرة العراق ولم يمض على استلامهم السلطة حوالي عشرة ايام ، وهو وزير دفاع والامور غير مستقرة، فأجابني بانه حذر شقيقه الداوود وقال له ان البعثيين يتحركون لينفردوا بالسلطة وعليك عدم المغادرة ، فرد عليه انهم لن يتمكنوا من عمل شيء.

وللعلم فان عبدالوهاب الهيتي أٌعدم بتهمة التآمر لمحاولته اغتيال البكر في حفل تخرج كلية الاركان مما دفع الداوود الى الاستقالة من عمله كسفير للعراق في مدريد واستقر بعدها لاجئا في السعودية.

ويقول الداوود في مذكراته ان حفلة تخرج اقيمت في كلية الاركان " وكان اخي حاضرا فشــــــهر مسدسه محاولا اغتيال البكر فنام عليه المرافقون واعتقلوه وعذبوه وقتلوه ،وكان ذلك عام 1971 .

النايف وقدح الشاي

اما عن عبدالرزاق النايف فقد تم اجباره بعد دعوة غذاء في القصر الجمهوري على مغادرة العراق الى المغرب ، وقد قام صدام حسين وصلاح عمر العلي بتنفيذ اعتقاله عندما دخلا على مكتب البكر ،وكان النايف يحتسي الشاي معه ومع صالح مهدي عماش ،وفاجآه بتجريده من مسدسه واعطياه الامان ، واعتقل في غرفة مجاورة الى ان تم نقله الى المطار يرافقه صدام حسين .

ويؤكد الداود في مذكراته صحة هذه الرواية ،حيث رواها له عبدالرزاق النايف عندما ذهب لأداء العمرة ، فالتقاه  وحكى له ما حدث.

وفي مساء اليوم نفسه يوم 30 تموز 1968 اذاع الرئيس احمد حسن البكر بيانا من تلفزيون العراق صادرا عن مجلس قيادة الثورة برقم 27 اعلن فيه اقصاء الداوود والنايف بتهمة محاولة القضاء على الثورة ومبادئها .

بيان 30 تموز 1968.


مشاهدات 639
أضيف 2023/07/19 - 4:53 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 3:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 371 الشهر 7939 الكلي 9370011
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير