المتابعة والقرار
جاسم مراد
ثمة تحرك سياسي وقضائي واستقصائي ، للمال المنهوب من الدولة والعديد من المؤسسات ، فبعد تعهد رئيس الوزراء بمحاربة الفاسدين داخل العراق وفي الدول المتواجدين فيها ، وبالتأكيد هذه المتابعات تحتاج الى قرارات صارمة قضائيا وسياسيا واداريا ، لكون المنهوب يشكل خزين الدولة المالي، والفاصل بين اعتبارية وقيمة الدولة ، وبين الضعف والتأكل والتفكك ، حيث أي دولة في هذه الكونية تتغاضى أو تتساهل بمصير حقوق الشعب واموال الدولة لحساب جهات نافذة أو لحساب تشابك العلاقات والمصالح بين اطراف السياسة والحكم والتفاهمات بين قوى المصالح التي تتشكل منها السلطة ، فأن الأمر سيعود بالعراق الى حالة من الصراع يضيق ويتوسع بين الجماهير المحرومة من موارد البلد من جهة وحكام واطراف السلطة من الجهة المقابلة .
ففي كل تشكيلة وزارية يبدأ الحديث عن الفساد ولكن سرعان ما يختفي ، ولكن هذا لا يمنع من الاعتراف على وفق المتابعات بأن حكومة الكاظمي قد بدأت المواجهة مع الفاسدين وتم تشخيص البعض منهم ، ولكن في اخر ايامها كانت الهجمة الكبرى بسرقة مليارين وسبعمائة مليون دولار ، وفي حكومة السوداني بدأت المعركة في الداخل والخارج ، ونعتقد إن إصرار السوداني على المعركة بكافة الأسلحة مع الفاسدين ورعاتهم هي من أهم معارك الاستقلال الوطني ، لأن البلد الذي لايتمكن من حماية أموال الشعب فهو بلد منتهك الاستقلال والقيمة والشرف والمستقبل ،.
فعند المعادلات بين الإرهاب المسلح الدموي وبين الإرهاب المالي التجويعي ، فأنهما بنفس الخطورة على الوطن والشعب حاضرا ومستقبلا .
السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ، كان حازماً في مواجهة الفاسدين منذ البداية ، لكننا بحاجة منه الى مواقف صارمة عابرة لكل العلاقات والشخصيات ومرتكزة على الشعب ومؤمنة بحق الوطن بالاستقلال من الفساد والقوى والشخصيات الداعمة له أو المختفية في بطونه ، وهنا يحق للمتابعين التساؤل ، معظم الشخصيات الفاسدة والتي يتم الكشف عنها لا تتجاوز اعمارها الثلاثين عاما وبعظهم ( 25) عاما وهنا نسأل متى تدرب هذا الفاسد على سرقة الملايين والمليارات من الدولارات والدنانير ، وفي أي جامعة أو مدرسة فاسدة تعلم وتخرج منها ، وأي شجاعة دفعته لتجاوز الحقوق والقوانين والنظام العام وأجهزة الدولة والقيام بهذه السرقات أو بالحصول على الرشى من موقعه ، نحن والمواطنين جميعا نعتقد بل جازمين التوكيد بأن هؤلاء الشباب الذين يسرقون المليارات ويتبخترون بطائراتهم الخاصة ، ليس بأمكانهم القيام بذلك لولا خلفهم قوى سياسية وشخصيات بالغة التأثير في المواقع والسلطة لما اقدموا على مثل هذه السرقات التي قال عنها رئيس الجمهورية السابق برهم صالح بأنها بلغة ( 150) مليار دولار وتقول التقارير الاقتصادية والمالية بأن المسروق ضعف هذا المبلغ ..
نحن متيقنون بان شجاعة السوداني لا تخشى لومة لائم ، وانه سيمضي كون الشعب معه ، وهو لا يخسر شيئاً عندما يشعر بالمضايقات فقط عليه اخبار الشعب واتخاذ القرار الصارم ، وبدون ذلك يبقى العراق رهينة إرهاب الفاسدين..