أَسرار الحياة على كوكب المخابرات.. من يمتلك المعلومة يحصل على مقوّمات القوة والقرار
ياسر الوزني
أَبْلغْتُ المدعي العام أنَ رئيس الجمهورية خطرٌعلى الأمن القومي،هكذا قال وكيل مدير المخابرات المصرية في إحدى لقاآته التلفزيونية بعدَ أن أستمعَ لمكالمةٍ هاتفية بين أيمن الظواهري ورئيسُ بلاده محمد مرسي، وأضاف لقد قمتُ (بتفريغ المكالمات الهاتفية على ورق ) مع (أهدافٍ ) أخرى تَحدثَ معها (الرئيس ) تتابعهم المخابرات العامة و(تَتنصتُ) على مكالماتهم .هكذا أذنْ ؟ الجواب ببساطةٍ، نعمْ.. لايوجد زعيم أوقائد مهما كان موقعه أو منصبه خارج خطة الجمع أوالأهتمام فأيٌ من هؤلاء قد يَصبحُ يوماً هدفاً لعمليات تعرضية يَقصدها جهاز المخابرات (صديقٍ أوعدو)، ولعلَ هذا الأستهداف لمْ يعُدْ خافياً بعد أن أنكشفت أمام الرأي العام الغايات الأساسية من نشاط أجهزة المخابرات في العالم ولم تَعدْ قِصة رأفت الهجان وأبو الريش وغيرهم من الجواسيس سوى تاريخٌ أوماركةٌ مسجلةٌ بأسم المؤسسة الأمنية المعنية .أن القاعدة العامة لعمل المخابرات هي الوصول الى معلومات (وليس أخبار) من خلال أستهداف وأختراق الأفراد والمنشاآت والمعلومات(وثائق ،مستندات،خرائط..الخ)، وهي في نفس الوقت تكافح وتمنع نشاط مثيلاتها الصديقة أو العدوالموجه ضد البلد.
تنحصرأهتمامات أجهزة المخابرات (على الأغلب) للحصول على معلومات في عشرة ميادين رئيسية تمثل الأسبقية أولها رئيس الدولة (ملك أوسلطان) وقادة البلد الآخرين _والتسعة الباقية هي :الميدان السياسي_العسكري_.الأمني_.الثقافي_.الأقتصادي_الأجتماعي_التربوي._الصحي_وآخرها الميدان التعليمي،وهناك معلومات أخرى،منها(جيوبولتيك،جيوستراتيجة،تكتيكية،معلومات عن الطاقة الذرية وأستخداماتها) وعلى هذا الأساس فأن المعلومة هنا يمكن تصنفيها على أنها ، أولاً_ معلومات إنجازية وهي التي تُوجه لها الرغبة في تحويل الأفكار الى أعمال واقعية بكل مايتصل ذلك من حلول تقنية أوأستغلال لقدرات متاحة.. وثانياً_ معلومات بحثية وهي التي يحتاجها الباحثون بمختلف الأتجهات والتخصصات الموضوعية أما بعض من خصائها فهي:- الصلاحية_ الدقة_ التوقيت _الشمول _الوضوح _التحقق _ الموضوعية .
مصادر المعلومة الأستخبارية
1- معلومات علنية أو المصادرالمفتوحة (إذاعات،صحف،كتب،بحوث،إستبيانات،مقالات،قنوات فضائية، ألخ) وهي متاحة للجميع وقد تغطي في بعض الأحيان مانسبته 90 بالمئة من إجمالي المعلومات التي تحصل عليها الأجهزة الأستخبارية 2- المصادر البشرية التي يتم تجنيدها لصالح الجهاز الأمني (مصادر رسمية ) أو من المتبرعين المتطوعيين أو زرع ضباط في مقرات الأهداف الصديقة أوالعدو وهؤلاء جميعا ًيجب أن يكونوا قريبين من الهدف أو يعملوا معه أو يعملوا داخل مقره (الهدف). وعلى نفس السياق لابد أن نقف في محطة مهمة لبيان صفحة جديدة من صفحات التجنيد التي لم تكن معروفة سابقاً ألا وهي إستخدام وسائل التواصل الأجتماعي التي أصبحت نمطاً و أسلوباً جديداً وباتت تعتمد عليها الأجهزة المخابراتية للقيام بأنشطتها فهي توفر” مصادر معلومات و قراءات سيكولوجية ”عن الأفراد المراد تجنيدهم تستغلّه وكالات الاستخبارات كي تتصيّد جواسيس جدد3- معلومات فنية مصدرها التنصت،صور جوية، رادارات، مراقبة الألكترونية 4- معلومات يتم شرائها بالمال.5.معلومات تبادلية مصدرها أجهزة أستخبارية لدول أخرى 6- معلومات مستخلصة من أعترافات المجرمين والمتهمين 7- معلومات عبر إستخدام بعض الحيوانات في عمليات تجسس مثل الحمام الزاجل والغربان.
المخابرات وتقدير الموقف
الصورة الأولى: في بعض الأحيان تُستَخدم المخابرات لإضفاء الشرعية على قرارات سياسية خاطئة،وهكذا فعلت الحكومتان البريطانية والأميركية من أجل الحصول على دعم شعبي لغزو العراق بحجة إمتلاكه أسلحة دمار شامل في 2003 يمكن القول إنه في هذه الحالة عوضاً أن يكون جهاز الاستخبارات مرجعاً للتوجيه والإرشاد بالنسبة لصُناع القرار، تحول إلى وسيلة في يد السياسيين لتدعيم رؤيتهم الخاصة...الصورة الثانية:يعتبر العنصر البشري في جهاز المخابرات أهم عنصر،وذلك يعني أن إتخاذ القرار يقوم على الفهم البشري لنوايا الجهة المستهدفة أي العدو أو الخصم أو حتى الحليف،لكن القصور الذهني للبشر وسوء أستعمال المواد الاستخباراتية يؤثر بشكل مباشر على نجاعة وفاعليته،فمن أكثر أسباب فشل المخابرات المتكرر هو الحكم الخاطئ على النوايا وذلك بالتقليل من الخطر أو المبالغة فيه،فقد تسبب مثلاً سوء تقدير الاستخبارات الإسرائيلية لقدرات مصر العسكرية وأساليب التمويه التي أستخدمتها الأستخبارات المصرية سنة 1973 في هزيمة مدمرة للجيش الأسرائيلي... الصورة الثالثة: عامل الصدفة، المقصود به هو الإخفاق أو النجاح بسبب الظروف الخارجة عن قدرة الجهاز نفسه ،لقد تبين من خلال فحص حطام طائرة العال الإسرائيلية عام 1992 أنها كانت تحمل مواد نووية تم تهريبها إلى تل أبيب ونتج عن الحادث مواجهة حادة بين الموساد وشركة العال من جهة و مع الاستخبارات الهولندية من جهة أخرى، وهنا لعبت الصدفة دورا في كشف تلك العملية السرية... الصورة الرابعة: تعتبر العمليات الانتحارية من أصعب الهجمات التي يمكن التعامل معها أمنياً،حيث يقتضي عند توفر المعلومات عن أنتحاري مشتبه به هو إطلاق النار عليه وبالتأكيد فأن قتله أو جرحه يمثل نجاحاً إستخباراتياً في حال كانت المعلومات دقــــــــيقة، لـــــــــكن في صورة (ما) فأن قتل الشخص الخطأ جراء معلومات خاطئة قد يسبب أحتجاجات شعبية وهو ما حدث في لندن سنة 2005 عندما أغتال جهاز الاستخبارات المواطن البرازيلي (Charles) المشتبه بأنه إرهابي بعد عمليات تفجير مترو أنفاق لندن.
الصورة الخامسة :يروي لنا فلم The Bourne ultimatum إنذار بورن النهائي قصة جاسوس فقد ذاكرته بعد أن قامت المخابرات الامريكية بتجنيده وتدريبه على عمليات الاغتيال ثم كلفت عملاءها الآخرين لملاحقته وقتله،الفلم مبني على إيحاء بأن أحد فروع المخابرات السرية قامت بأنشاء منظمة سرية تدعى (تريدستون) أنتهكت القانون للقيام بعمليات أغتيال داخل أمريكا وخارجها كما أنه رسالة مفادها التوجس المتزايد من تمادي وكالة المخابرات وتجاوزاتها القانونية والأخلاقية ،أن مقتضى الأشارة بشكل خاص هي للتوضيح بأن الشفافية العالية في ديمقراطية بعض البلدان تلاحق وتراقب نشاطات أجهزة المخابرات وخاصة فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي وحقوق الأنسان. الصورة السادسة :من المؤكد أن بعض الأحداث الطارئة أو غير المتوقعة تمثل تحدياً لأجهزة المخابرات مثل جائحة كورونا بحيث أن كثيراً من نشاطات وأساليب الأجهزة المخابراتية ربما أصبحت غير قابلة للتنفيذ ،وليس ببعيد فقد تكشف الأيام القادمة عن أساليب وتقنيات جديدة في حقبة ما بعد كورونا.