من عمري على عمرك
مازن الحيدري
إحدى الصيغ او الجمل التي يتداولها العراقيون للتعبير عن محبتهم ولاشك انها تقع ضمن نطاق المبالغات اللفظية العديدة التي تزخر بها حواراتنا ،،
فعمر الإنسان لا يشابه رصيده او حسابه البنكي مثلا حتى يهب منه ما يشاء او يقوم بتحويل جزء منه لمن يشاء وأن نقص فذاك اختيار لن يضيره شيئا .
أعتدت شخصيا على التبرع بالدم مرة كل عام وكلما مررت بتجربة التبرع بالدم التي لا تتجاوز مدتها نصف ساعة في أغلب الأحيان، يكون الشعور المصاحب لها جميلا و منعشا للنفس وهذا أمر طبيعي يشعر به كل إنسان في حال فعله لأمر جيد يرفع من مستوى اعتزازه واحترامه لذاته !!
وقد يصنفه البعض ضمن مفهوم النرجسية التي تتعلق بحب الذات ، ولست أجد ضيرا في ان يمارس الإنسان أفعالا تمنحه الإحساس بالرضى عن الذات وترفع من مستوى إحترام النفس وتقديرها ..
العمر هو حياة الإنسان وهو اغلى ما يملك ولا يقع ضمن نطاق فسحة التعويض التي يتمتع بها الدم الذي يجري في العروق ، وليس من المعقول أن اتبرع بالدم ان لم أكن متأكدا بأن خلايا جسمي قادرة على تعويض ما وهبت وأن عملية إنتاجه ستساهم في رفع كفاءة جسدي إضافة إلى رفع مستوى إحترام الذات!!
علمتني الحياة ان عبارة من عمري على عمرك حقيقة واقعة وصحيحة إلى أبعد الحدود ..
فنحن نبذل ونمنح أعمارنا لبعض ،
حين نستمع لشخص ما ونحاوره أو نكتب للسؤال عنه وتفقده ونمضي بعض الوقت في التحدث معه والسؤال عنه بصدق ومحبة ...
انت بهذا تمنح بعضا من عمرك له !!
وفي المقابل هناك من يهتم لأمرنا ويسأل عنا ويسعى لأسعادنا واسنادنا دوما، وهو بذلك يمنح بعضا من عمره لنا ...
التبرع بالدم يمنح الجسم فرصة لتجديد الخلايا وتنشيطها،،،
التبرع بالعمر ، يمنح الروح فرصة للتمتع بحياة أفضل في فضاء من المحبة المتجددة عبر مفهوم قد يبدو مبالغا فيه لكنه حقيقة ...
ومن عمري على عمركم ...