نعم نحن مجتمعات فاشلة
عباس فاضل الموسوي
(نحن مجتمع فاشل ) عبارة أنهيت بها مقالة سابقة استفزت البعض وولدت الفضول لدى البعض الأخر...
نعم نحن فاشلون لأننا أسرى الماضي والحضارات التي اندثرت وصرنا قوم كنا ! ولدينا حضارة عمرها 7000سنة لم تنعكس تلك الحضارة على حاضرنا وواقعنا...
فاشلون نحن لأننا أسرى تاريخ مشوه وصلنا عبر كتب سطرها كتاب مرحلتها ولم ندقق يوما في محتواها ...والمطلع منا يعرف ان تاريخنا مملوء بصفحات القتل والغدر والدم والسحل...والتاريخ علمنا أيضا اننا لم نتعلم من التاريخ ..فقبح حاضرنا هو من جمل ماضينا.نحن فاشلون لأننا نصف زمننا القريب بكل قبحه بالزمن الجميل؟ فاشلون لأننا نرى حروبنا العبثية بكل ما حصدته من أرواح على انها انتصارات باهرة؟ فاشلون لاننا نتحسر على الزمن الملكي ورجالاته المعينين من بريطانيا؟ فاشلون لاننا نصف ثورة تموز 1958بالانقلاب العسكري ولا نعرف ما حصل بالضبط قبل هذا التاريخ من حوادث قادها العسكر؟ فاشلون لان أبناء الكادحين وأحفادهم من العمال والفلاحين هم أكثر من غيرهم من يلعن رجالات تموز ورمزها الذي كان عونا للفقراء بالرغم من أخطاءه الا انه تحسب له انه خرج بيد بيضاء. فاشلون نحن لأننا من صنعنا الطغاة والأصنام فهم دائما نتاج مجتمعي.مازال الفشل فينا لاننا لم نغادر بداوتنا ولم نقترب من الحضارة بشئ كما شخص ذلك عالم الأجتماع( د. علي الوردي) الذي لا يعرفه بعض الشباب ولكنهم يعرفون بنين الموسوي وايناس الخالدي وسيد علي وغيرهم من زعماء التفاهة وصناعها.فاشلون لان بعضنا يحفظ سيمفونيات الساعدي وصورني يا عطواني..ولا يعرف الگبنجي والغزالي ولا يعرف عملاقي الموسيقى (الراحلين طالب القرة غولي ومحسن فرحان)...بل ان الصغار في مدارسنا يرددون (الخلفية) كبرانة بوجود الأب والأم!؟ فاشلون لاننا نصفق للحاكم والمسؤول في حضوره ونلعنه في غيابه ولم نغادر ثقافة الهوسة والمهوال وهز العگل.
ابراز البذخ
فاشلون لاننا نتبارى في ابراز البذخ وليس الكرم في افراحنا وفي مجالس عزاءنا. فاشلون لاننا لا نفكر في بناء مدرسة أو مركز صحي وبنينا الأف الجوامع والحسينيات التي لا يصلي بها الا القليل! فاشلون لأننا متعصبون دينيا وطائفيون مذهبيا وحولنا الدين الى طقوس للضرب على الدفوف وأكل التمن والقيمة وأفرغنا الحسين (ع )من ثورته برمزية التحرر ومواجهة الظلم الى مناسبة للبكاء والعويل. نعم استثمرنا أموالنا في بناء ما يسد البطون من مولات ومطاعم ولم نبني شيئا لتنمية العقول من مسرح ومنتديات ثقافية. فاشلون لأننا نقدس الوهم والخرافة وكل يوم نخترع موقعا نبني فيه قبرا لإمام او علوية أو رجل صالح ونقدم لهم النذور وتزورهم نسائنا بحثا عن مرادهن من ولد أو عريس منتظر قد يسكنهن في بيت من بيوتات التجاوز أو ما يطلق عليهن بيوت الحواسم! وناسين الحواسميون الكبار . لم نغادر انفصام شخصيتنا بعد. لا زال حتى المتعلم منا ينتظر ما يقوله علي الشيباني وفق معلومات معلمه !؟ فاشلون لأن مواقع التواصل الاجتماعي أفرزت أسوء ما فينا بل ان تلك الوسائل اتاحت لجحافل الأغبياء أن يتحدثوا وكأنهم علماء.. فادوات مثل تويتر وفيسبوك كما قال (أمبرتو ايكو) منحت حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء ". وأختم أوراقي لهذا الاسبوع بالقول: عندما سئل الكاتب الروسي (انطوان تشيخوف)..كيف تكون المجتمعات فاشلة ؟
أجاب :
في المجتمعات الفاشلة ثمة ألف أحمق مقابل كل عقل راجح..وألف كلمة خرقاء ازاء كل كلمة واعية..تظل الغالبية بلهاء على الدوام .ولها الغلبة دائما على العاقل...فاذا رأيت الموضوعات التافهة تعلو في أحد المجتمعات على الكلام الواعي..ويتصدر التافهون المشهد..فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل .
ألسنا مجتمع فاشل؟