الآثار في مدينة النعمانية التي بناها الحجاج

مدرسة الشرابية تنافس بغداد ومكة

النعمانية - حمدي العطار

الحجاج بن يوسف الثقفي ، قائد في العهد الأموي ، اشتهر بقسوته عندما صار واليا على الكوفة والبصرة في عهد عبد الملك بن مروان، زيارتنا الى واسط والتي تعد أول مدينة تبنى بعد حكم الخلفاء الراشدين ، فالحجاج بعد ان انتهى من اخماد الثورات قي الكوفة والبصرة ،اراد ان يبني مدينة يستقر فيها لا تكون قريبة من الكوفة والبصرة بعيدة عنهما بمقدار ليأمن الحجاج على نفسه وهذه المدينة بنفس الوقت قريبة منهما بمقدار ما يخشى الثوار من سطوته وبطشه!

 فطلب الحجاج من اعوانه قائلا (أمض واتبع لي موضعا..ابن فيه مدينة ولتكن على نهر دجلة ) فكانت مدينة واسط  لتتوسط المدينتين الكوفة والبصرة ، وجاءت تسمية واسط من موقعها  بين الكوفة والبصرة بنفس المسافة 250 كم ! وكانت مدينة واسط منيعة ومؤمنة في بناء سورا لها كما بنى فيها مسجدا واسواقا وحدائق  ،واتخذ كافة الاجراءات الامنية فاقام على ابوابها الحراس وجعلها حكرا على العرب فهجر منها النبطيين وقال انهم مفسدة، وجعل البضائع رخيصة جدا لتحقيق الرفاهية ومنع السرقة والتذمر، عندما اردنا زيارة المدرسة (الشرابية) كموقع اثري ، كان علينا الوصول الى المكان الذي بنى فيه الحجاج مدينته (واسط) وعاش فيها حتى توفى ودفن فيها ولا يوجد شاهد على مكان دفنه فاالحكام الطغاة   تدمر قبورهم في العراق!

الشرابية مدرسة لها تاريخ

عند وصولنا بصعوبة الى موقع المدرسة الشرابية والتي يجري فيها صيانة واعادة اعمار ، لذلك مسؤولة كروب دوشفري (وفاء السامرائي) طلبت منها بأدب ان لا نصور المدرسة الشرابية لأن  تصويرها ممنوع حتى موعد افتتاحها من قبل محافظ واسط! لذلك سوف نضع صورة الشرابية الموجودة في النت كما تم تصوير الصفوف التي لم يجر عليها البناء ، والمدرسة الشرابية موجودة ايضا في بغداد ومكة المكرمة، أمر بإنشائها (جمال الدولة أمير الجيوش – شرف الدين ابو الفضائل – إقبال بن عبد الله الحبشي المستنصري الشافعي الشرابي) مقدم جيوش العراق، واحد كبار رجال ( الخليفة العباسي المستنصر بالله ) و جاء اسم المدرسة الشرابية، من لقب جمال الدولة الشرابي،  وكانت المدرسة الشرابية في النعمانية ، وتم انفاق اموالا طائلة على اعمارها وكانت مخصصة لطلبة  الفقه الشافعي وكانت من المدارس المتميزة من حيث البناء وهندسته ووجود الأقسام الداخلية للطلبة فيها وتطور مناهج الدراسة. وقد استخدمت بعض مرافق (المدرسة الشرابية) في مدينة واسط لأغراض شتى ، ولعلها تحولت مع الزمن الى ملجأ للفقراء، او المنقطعين الى العبادة، كما دفن فيها بعض الموتى، ولذلك يلاحظ في بعض الاقسام التي لا تعتبر من البناء الاصلي وجود مصلى ومحراب  وقبور عديدة يرجع تاريخ اخرها الى عام 1349 م بحسب الشواهد القبرية التي عثرت عليها مديرية الاثار العامة في مواسم الحفر التي اجرتها قبل عام 1941 م ، تقول الست وفاء صاحبة كروب دوشفري كم هو احساس عظيم للاثار انت تحس بالفخر حينما تسير على ارض سار عليها من  بشر قبل الاف السنين وهذه القيمة المعنوية للاثار!

مرقد السيد محمد بن القاسم ومقام الامام المهدي (ع)

المكان الاخير الذي تم زيارته في رحلتنا الى الكوت قبل الذهاب الى محافظة ميسان هو مرقد (محمد بن القاسم العلوي- او الثقفي) وهو اصغر قائد اسلامي فتح بلاد السند ، فأذا كان لقبه الثقفي فهو قريب الحجاج الثقفي لكنه قتل لخشيتهم من قوته ويحمل مواصفات القيادة والشجاعة ! وفي رواية اخرى خوفا من تعرض قبره الى الهدم من قبل الدولة الصفوية تم استبدال اللقب (الثقفي) ب(العلوي) وتذهب بعض الروايات الى ان هذا المرقد قد زاره الامام المهدي (ع) في الغيبة الكبرى ومكث في المزار ليلة ويوم الثلاثاء ، وبــــــذلك اكتسب المكان قدسية ابديــــة وصار مزارا معـــتمدا.