الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أمل .. مسرحية قريبة من الواقع غير بعيدة عن التعبيرية

بواسطة azzaman

الأسدي يعتمد خرير الماء بديلاً عن  الموسيقى التصويرية

أمل .. مسرحية قريبة من الواقع غير بعيدة عن التعبيرية

 

بغدادكافي لازم

ما أن تجاوزنا عتبة قاعة عرض مسرحية أمل للفرقة الوطنية للتمثيل ، تأليف واخراج  جواد الاسدي، دخلنا في ييتنا الافتراضي (كما اراد لنا ذلك المخرج) بيتا آيل للسقوط تملؤه الرطوبة والماء الذي شكل بحيرة كاملة مع أثاث متهالك، وسط البيت ينتشر عدد هائل من الكتب الساقطة من مكتبة عملاقة توشك على الانهيار مع خرير الماء الذي لاينضب و  المتساقط من سقف الدار والذي شكل بعد ذلك الموسيقى التصويرية الرئيسية لاسيما في حالة الصمت المطبق بين الشخصيتين الرئيسيتين كل هذا الوضع البائس ترافقه موسيقى كونية تتشابك فيها النداءات والغضب الإلهي مع التحذير والنذير والهلاك الدائم في كون رحيب يعج بالاحداث والغربان تنعب في السماء والتي تنتظر الجثث لتنهشها.

الويل لهذه البقعة من الأرض.. بكل هذه الاجواء ادخلنا جواد الاسدي مرتين وكأنه يقول هذا بيتكم... واقعكم... الثانية ان العرض يحمل في طياته الحلول بعد ان اكتشفنا الأسباب وهذا هو شأننا نحن المتلقون الجالسون.... انه بيان تحذيري

كفاف السنين

(أمل باسم) أسم واحد تقاسمه اثنان والتصقا ببعض ثلاثة عقود كلها جحيم في جحيم الزوجة أسمها (أمل) والزوج اسمه (باسم) مثقفان يعيشان على الكفاف سنين مرت وهما في حالة خوف دائم لا يمكنهم الخروج ولا العمل خوفا من شارع متربص بهم فالزوجة تعاني من مرض أوجاع الرأس الدائمة لزوجها باسم والناجم عن حالة الصخب والضجيج الهائل في هذا الكون وقد جسده المخرج وادخلنا في رأس هذا الرجل المثقف والذي لا يملك الحلول العملية لحالة الاضطراب فضلا عن الاداء المتمكن للفنان حيدر جمعة والذي بذل جهدا فائقا في تجسيد الشخصية وتحمله الجهد الجسدي بأستعماله لبركة الماء وسط البيت كأداة شغل مسرحي في اداء واقعي مما حدى في ايذاء وجهه احيانا وهو عالي التوتر وبأندماج عظيم كما انه خلع قميصه وكشف عن جسده في حركة ربما ذكرنا بمسرحية (تقاسيم).

أما الممثلة (رضاب احمد ) أمل  بأدائها الرائع (والذي ذكرنا بالممثلات الكبار زينب، ناهدة، مي شوقي،فاطمة الربيعي) هي الاخرى تعاني و تسعى جاهده الى ان يكون زوجها بصحة جيدة وان تتحسن الامور ولكني لا ارى أمل بذلك. بل اضافت هم أخر لزوجها اولا الثرثرة الدائمة نتيجة الفراغ والقهر وقسوة الحياة مما يزيده وجعا وثانيا وهي الطامة الكبرى حينما اعلمت زوجها بأنها حامل عندها استشاط غضبا اذ كيف يعيش ابنه في ظل هذه الاجواء الكالحة والموت القادم بكل لحظة. عندها تسائل الاب هل ينتمي للمليشيات ام يصبح قاتل محترف ام يتناول المخدرات ولكنه رفض عندما ارادت زوجته اسقاطه. وهنا تنتاب الزوج موجة من اضطرابات الرأس تصحبه ضجة من الاصوات المتلاحقة.. المسرحية تقترب من الواقعية في الشكل والمضمون الا أنها غير بعيدة عن التعبيرية والرمزية في لحظات معينة وفي تمثلاتها بنشر الكتب وبعثرتها في الوحل بمدلولات الجانب الثقافي والقيمي وسقوط الحضارة في هذه البقعة من الارض التي علمت الانسان الحرف الأول والمتمثلة بهذه المكتبة العملاقة. أما الانارة فهي لم تفعل شيء بحدود انارة مكان  التمثيل مع وجود لمحات مرة تلو الاخرى على خلفية المسرح المتمثل بالمكتبة الكبيرة الا إننا رأينا زوايا معتمة في البيت وقد يكون رمزا لحالة الظلام الدائم مع عدم وجود (أمل)..كذلك مفعول الصمت وتساقط قطرات الماء من سقف البيت احدث فعلا جماليا مؤثرا يغني عن الموسيقى التعبيرية وكانها جرح نازف من السماء..جواد الاسدي عاشق لهذا المكان (المسرح التجريبي) مع ان المبنى مهمل في السنوات الاخيرة لاسيما المداخل والممرات والحدائق والخدمات الا ان فعله المسرحي ظل متوهجا في هكذا عروض مضيئة.


مشاهدات 873
أضيف 2022/12/02 - 11:56 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 4:01 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 351 الشهر 11475 الكلي 9362012
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير