الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دولة الخير .. الإستيعاب والتجديد

بواسطة azzaman

دولة الخير .. الإستيعاب والتجديد

 

مزهر الخفاجي

 

لا بأس ان نتذكر في هذا الحيز تعريف ارسطو للدولة والذي يقول فيها :  أن دولة هي جماعة بالبديهية دالة عن الاجتماع البشري وان كل جمع لا يتألف او يستمر الا على الخير ومادام الناس أياً كانوا لايعلمون ابداً شيئاً الا وهم يتعهدون الى مايظهره الخير) … وان كل اجتماع بشري انما ترمي الى خير من نوع ما ..وان جميع انواع الخير هو الذي يجب أن تمارسه المجتمعات البشرية .ان فرضية (الضبط) وهي التي تمارس بها الدولة عملية ضبط الاجتماع البشري ومراقبة اداء مجتمعاتها انما تاتي من اهميتها من كون الاخذ بأسباب الخير بما يحقق استقرار مجتمعاتها ، والخير كل الخير في الاستقرار .. لانه نقيض للفوضى او اللادولة  اي ان هذا الانضباط مدعاة لبروز قيم الخير في المجتمع في انتقالاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وان قيم الاجتماع ان لم نقل ابرزها مظاهر انما تكمن في فرضية الوعي الخير واهمية الوجود .. أن كل المدونات الفكرية تشير من ان الافتراض هو بوصلة الوجود الخير … لان الافتراض (assumption) هو نقطة بداية مسلم بها دون نقاش او جدل ان تشتبه في فرضية وجودنا البشري ما اذا كان لنا تعدد ملامح هذا الاجتماع البشري الخير في عينات ثلاث … فأننا نفترض أن هذا الوجود قائم على :

1- قيم الخير

2- العقد الاجتماعي المنظم

3- التفكير

وأننا نعتقد ان كل التجمعات البشرية كانت قد تراكمت وتطورت وتنامى عطاءها واجتماعها البشري بعد أن .. تعافت قيم الخير فيها وأن هذا التراكم قد انعكس على تفكيرها من خلال …

1- الوعي بالوجود

2- التضرع بهذا الوجود وافتراضاته واخراج هذا الوعي الى النهار

3- دراسة المجتمع والافراد عملية العقد رغبة منهم في تثبيت قناعة الوجود ، وتطور ادوات التفاعل معها وكذلك ممارسة شيئاً من المعاكسة في تعقب افرازات هذا الوجود……

ولكي لا نسهب بالتنظير نقول : ان النظام السياسي العربي وخلال قرن كامل كان بين اشكاليتين

التغول السياسي الايدلوجي… وتحييد الثقافي الفكري

وهو يمارس عملية التغول السياسي بمرجعياته الاسلامية السياسية فهنا المشاكل المهنجية الثلاثة

1-ان الحقل المعرفي لسياسته وافكاره انما يتحرك هذا الفكر والذي يكون من فرع واحد من المادة المعرفية ومرجعيتها قد لا تصمد امام متغيرات سياسية واجتماعية وثقافية معاصرة ومتعددة المشارب

2- المضمون الاديولوجي الذي يحاور ذلك الفكر ، الاشكالية النظرية التي توسس وحدة هذا الفكر  ، التحدي المعرفي (السياسي ، الاقتصادي ، الاجتماعي ، الثقافي) ..ان انتماء نفس الاشخاص وان نفس العقل المعرفي لا يعتد بالضرورة في ان يقدم هو حلاً لمشاكل المجتمع او قد يهدد قيم الخير والفكر والجمال … لانها تدير نصف قناعة الاخر او يقينه …

تفكير سياسي

3- ان مشكلة الانخراط في هذا النوع من التفكير السياسي ، يكمن في تقاطعه مع معطيات الدولة واجتماعها البشري ، وقيم التداول السلمي للسلطة .. هذا الامر هو الذي جعل الكثير من منظري هذا الفكر من (مالك بن نبي)  الى (سيد قطب  (ووصولاً الى (راشد الغنوشي) … وديماغوجية فريدة من نوعها تمثلت بالجمع بين (قيم الفرضية والاسلامية) كما هو في مشروع مالك بن نبي (اتحاد الجمهوريات الاسلامية) واستعارته لراديكالية غير الموفقة من العنف الثوري اليساري والتي لجأ اليها سيد قطب في مؤامرته ضد الزعيم جمال عبد الناصر عام 1965، واخر تقليعات الاسلام السياسي - استعارة جوهر فكرة الاحزاب الدينية المتطلعة للديمقراطية في اوربا وتحديداً التجربة اليمين الالماني الفرنسي وقاصدة استعارة اساليب .. الوصول الى السلطة حتى وأن تعارضت الاسباب مع احكام الشريعة ومقاصدها كما فعلها (راشد الغنوشي في تونس) على سبيل المثال ، هدفه يكمن في الوصول الى السلطة واستخدام امكانياتها لفرض مشروعه الايدلوجي .. وليس ايمانه بالديمقراطية كهدف والتداول السلمي للسلطة كمبدأ.

ان ماقدمه الفكر السياسي الاسلامي المعاصر في سردياته المعروفة أو في تجاربه السياسية المعاصرة في مناطق شتى من الوطن العربي، قد تأسى المعطى الذي عبرت عنه تحولات وتفرعات ليثق بهالمريدين من العرب المسلمين أمثال الكواكبي ومحمد عبده ومحمد أقبال والبيطار و جمال الدين الافغاني وحسن حنفي ومحمد عابد الجابري في التعامل مع معطى قيم الخير في (التراث العربي الاسلامي) والتعاطي مع قيم العلم التي أفرزت اجماعاً اجتماعياً بشرياً متنوعاً وغزيراً وراغب للحرية، وباحثاً عن دولة الحرية والرفاه وأن رموز وزعامات ومريدي هذا النوع من الخطاب ونقصد (الفكر الاسلامي العربي المعاصر) قد أداروا ظهورهم لرصيد التجديد والتراكم الفكري وأصروا على استمرار السلفية السياسية استنساخاً للسلفية بعنوانها الديني والقائم على فرضية قرأة التراث العربي الاسلامي القديم … في تعزيز. قيم الاجتماع البشري الداعي لقيم الخير والاخلاق والفضيلة ، ثم الانقطاع عنها .

والقطيعة الثالثة في مفهوم الاستيعاب والتجديد تمثلت في غياب فرضية قراءة الواقع ونقصد واقع الاجتماع البشري العربي المعاصر والذي كرس مفهوم التعدد الأثني والطائفي والثقافي ، وجنوح أفراد مجتمعاته للتعاطي مع حركة النهضة في اوربا والتفاعل مع قيم العلم وافرازاته في التقاطع مع مسلمات الدين  ،عبرت عنها مقولات روادها وتقاطعها مع مفهوم الدولة ونظامها السياسي القديم الذي تخادم مع مفهوم التبعية او(اللادولة) (العثماني ، الصفوي) الخديوي ونظام حكم البايات للمغرب العربي وجنوح الناس والمجتمعات الى الدولة الحديثة ومؤسساتها الراكزة ورغبتهم في تثبيت اركان دولة العدل النسبي ومفهومها الاجتماعي الذي يقف بالضد من تطلعات اقطاعياتها (القبلية،  الدينية ، الاولغاركية) إن الخطأ الفكري الذي وقع فيه (الفكر الاسلامي السياسي) والهادف الى الغاء دولة الخير ودولة العقد الاجتماعي الضامن لفكرة التداول السلمي للسلطة الكفيل بتوفير حقوق وحريات الافراد ..وهشم فكرة الوطنية الجامعة وقفز على موروث العروبة وقيمها الخيرة مرسخاً فكرة الاقصاء الايدلوجي والوطني في متبنياته السياسية .. وهكذا يبدوا ان الفكر العزبي المعاصر (القومي) قد حصر نفسه في زاوية الايديولوجيا المرسخة لفكرة العروبة النقية .. ولم يتجاوز اخطاء الاسلام السياسي في بناء دولة العدل القائمة على فكرة (الخير ، الحرية ، العدل) والتي يضمنها عقد اجتماعي جديد يضمن بناء دولة العدل ويكرس مفهوم التداول السلمي للسلطة وخق الاخرين في التعبير . ان ظاهرة الاقصاء الاسلاموي للوطنية وحقوقها .. عند الاسلام السياسي وظاهرة التجاوز على حقوق بعض الاقليات والاثنيات واسباغ ايدلوجيا العروبة قد اوقع المجتمعات العربية في حيرة من امرها ، أذ أن تغول المعطيين الاسلاموي والقومي قد جعل الناس بعيدون عن حلم دولة العدل او الدولة المدنية المعاصرة… وبدأ الناس يعون انهم لا يعيشون في دولة الواقع ودولة العدل والحرية والمواطنة الجامعة

ونسوا المقولات التنويريين والذين قال أغلبهم ان الدولة الحق التي يجب ان تستمر :

تنتصب على ارضها ..  وتتوكأ على ذاتها ..  وتغادر بيت أبيها .. ولا تعود تنسفه بيدها او تنجرح بانجراحه .

ان المأخذ على التغول الفكر السياسي الاسلاموي والقومي الكلاسيكي والذي حددته كتابات (طه حسين ، صادق جلال العظم ، صلاح الدين البيطار ، محمد عابد الجابري ، حسن حنفي ، علي الوردي)  انما يكمن في اشكالات ثلاث.

مستجدات الحياة

-ماضوية الافكار  وعدم ملائمتها لمستجدات الحياة المعاصرة ،غياب فكرة العدل ، والتفريد بحقوق مجتمعاتها  تأخر ظهور الدولة المدنية فيها ، تقاطع العلم مع الدين وغياب مبدأ التداول السلمي للسلطة . وأن نظرية أستيعاب التراث والانتفاع منه ثم تجديده هي الوظيفه التي قد تصمد أمام تداعيات وتطلع الناس للحرية والتعامل مع معطياتها  أن كل من المشروعين (الاسلاموي والقومي) في متنهما السياسي  والثقافي … كل منهما قد خذل صاحبه فقد بدأ الاسلام السياسي  يخلط بين مفهوم الدولة الوصول للسلطة عبر الديمقراطية والدولة المدنية ورفع لها عنواناً حينما إطر دولته الحديثة بمجالس شورى … ومثلما وقع الفكر العربي كذلك… في اشكاليه الدمج بين مفهوم الدولة المدنية ومباديء العروبة ودولة المركزية القوية ليتجاوز .. مفهوم التعدد والتنوع  وركز على مفهوم الوحدة على حساب العدل النسبي نعم لقد جمع الفكر السياسي العربي والعراقي المعاصر في مغالطة ثقافيه ومعرفية واضحة حين لم يوازن  بين السيادة الحقيقية والديمقراطية ودولة القانون واربك ذلك الاسلامويون والمؤدلجين وضاعوا ولم يظهر لهم  حس حينما لم يشرعوا في الانتقال من حاكمية الدين او حاكمية الخليفة او الحزب وبين دولة القانون والشرعية التي يؤطرها عقد اجتماعي عبر ممارسة الفرد للديمقراطية لقد بزت الدولة الوطنية العربية المعاصرة بمفهوم الحكومات وشعارات التوافق والشراكة والتوازن وتجاوزوا على مفهوم الوطن والمواطنة كعنصر اساس لمفهوم الدولة المدنية الحديثة.. وظلموا ايضاً مفهوم الوطنية الجامعة التي هي سر وجود هذه البلدان وطبيعة مجتمعاتها عبر التأريخ فالاكراد والاقباط والامازيغ والتركمان والبهائيين والشبك والمورسكيين والبويهيين … ايقونات ثقافية مجتمعية .. كانت متعلقة بمفهوم الوطن وملحقاته الغير سياسية الحيز الجماعي التاريخي العيش المشترك ان ما قدمنها يجعلنا أن نؤكد ان مشكلة المشاكل في الفكر السياسي العربي المعاصر (الاسلاموي والقومي العربي العاصر) هو براغماتية الواجهة للوصول للسلطة ليس للتعبير عن الخير في وجودها البشري  فالاسلامويون من (المودودي  الى سيد قطب) كان الوطن ودولته وثنهم الذي يجب ان يرجم اما القوميون فقد وقعوا في شرك احلام شعاراتعم الغضة ، دون أن يهيئهوا مستلزمات العدل في اوطانهم الصغيرة وان جوهر ازمتهم تغول السياسي الايدلوجي على الانساني الواقعي حتى بدى للجميع بعد ان تغول خطابهم من انه لم يكون الا خطاباً وهمياً رفضته او قاطعته مجتمعاتهم فبدا مشروعهم الفكري وكأنه حمل العقائدي الكاذب …

اننا ندعو الى مراجعة فكرية  تُعلي من القراءة الثقافية الواعية. عن القراءة السياسية الاديولوجية ، اننا ندعو الى عدم تغويل الفكر السياسي الفاشل على القراءة الثقافية المعرفية الواعية التي تعيد انتاج. تجربة تقوم على فرضية الاستيعاب الفكري والتجديد وليس استنساخه وطمس معالم المجتمع اياً كانت تسمياته عربياً وتراثياً.. لان مبدأ الاستيعاب والتجديد هو الكفيل هما الكفيل ببناء دولته وحماية امال امته.

 

 

 

 


مشاهدات 746
أضيف 2022/11/12 - 12:40 AM
آخر تحديث 2024/11/21 - 6:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 170 الشهر 9294 الكلي 10052438
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير