الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أتدرون من هو فيصل الياسري ؟  ليس مخرجاً ولا منتجاً حسب بل هو المعلّم الإنسان

بواسطة azzaman

أتدرون من هو فيصل الياسري ؟  ليس مخرجاً ولا منتجاً حسب بل هو المعلّم الإنسان

عبدالباسط سلمان

 

ربما لا تكفي مجلدات بان نكتب من هو فيصل الياسري، هو ليس مخرج ولا منتج فحسب، قبل كل ذلك هو الانسان، وما اصعب ان تجد انسان في زمن لا نعرف خفاياه...  حين عرفته وأنا طالب في المتوسطة، أبلغني اخي الشهيد عبدالخالق بان لدينا مخرج على مستوى العالم العربي، وبين لي إنجازاته الكبيرة، عشقت الاسم وحلمت يوما ان التقيه، حتى جاء اليوم الذي التقيته وهو في لجنة تحكيم مهرجان كليتنا، ارتبكت وانا أرى كاريزما مميزة، نظراته منطقه مفرداته حديثه، كل شيء فيه مثير، اقتنصت اصعب الفرص كي اتحدث معه، وظفرت بثلاث دقائق وهو يذهب ليركب سيارته، فتحدثت معه وانا الحالم في ان اتوصل لسر فيصل وجاذبيته، اقتنع بي وابلغني انه ينتظرني بمكتبه في التلفزيون عندما كان مديرا له، ذهبت للتلفزيون على الفور ومنعوني الاستعلامات من الدخول كوني لم اعمل ورقة ترخيص بالدخول، شاءت الصدفة ان يدخل فيصل التلفزيون، فالتجأت له، فقال لي حينها "انت نزلت علي بالبرشوت، قبل ساعة تركتك بالكلية، كيف وصلت قبلي؟ ادخلوه... يبدو انه موهوب وشاطر متحمس".. ما ان خرجت الا بيدي ورقة دخول للتلفزيون مدة أسبوع، التقيه وصورته في برامجه المميزة فاعجب بالتقاطاتي الفوتوجرافية، اهتم بي وشجعني التصوير، وظل يطالب جهات الإنتاج بعبدالباسط كفوتوغرافي لأعماله الدرامية، بل حتى لتصوير اسرته، منحني فرص تمثيل بأدوار ثانوية، كنت اتحين الفرص لأكون قريب منه، فقد تمنيت ان أكون قريب منه بشتى الطرق، ذهبت لمنزله مرارا وتكرارا وكنت افتعل الذرائع لاقترب منه كي اكشف سره الإبداعي .. لما فيصل مهم وجذاب؟ عجزت ان احصي مواهبه، بل ذهلت وانا اكتشف إبداعات له في الإنتاج والتصوير والانارة وتخصصات دقيقة جدا منها الهندسية، كان يناقش ويغلب المهندسين في التكنولوجيا السينيمائية والـ "SNG والمرسلات وما الى ذلك.

معجم سينمائي

انتهزت الفرص لأسأله بمجالات علمية خالصة في الفن السينيمائي والتلفزيوني، كان يجيبني بانسيابية وكأنه معجم سينيمائي، الغريب انه كان يجيب بلغتين الإنكليزية والعربية، وعلمت انه يجيد الألمانية وكان قد ترجم العديد من الكتب بل ترجم أيضا للزعيم عبدالكريم قاسم في بعض اللقاءات حينها، استقتلت لان افرضه أستاذا لمادة في الدكتوراه، شكرني زملائي الدكتورعلي حنون والدكتور نجم عبد جابر والدكتور صائب غازي لأني اقنعت فيصل أن يدرسنا وينقلنا الى العالم السينيمائي والتلفزيوني بآخر مستجدات التكنولوجيا والاستوديوهات العالمية وليس المحلية فحسب في شركته الديار حينها، لم أكتف بالتدريس بل قررت ان يكون مشرفا ثاني في أطروحة الدكتوراه، مع مشرفي الأول الدكتور محمود اكباشي رحمه الله تعالى، وبالفعل وافق على الإشراف ورعاني كأخ وكصديق وكطالب في بغداد وفي القاهرة، أرسل لي سائق وسيارة تجوب بي في شوارع القاهرة، وهو كان مديرا لأكثر من 30 قناة للـ (اي ار تي) وفر لي مصادر علمية نادرة ونفيسة حول العولمة "موضوعي في أطروحة الدكتوراه" عاد الى بغداد وحاجج المناقشين لاطروحتي في المناقشة وافعمهم بما يملك من معلومات نادرة ودقيقة جدا، في فترة الحصار الذي حرمنا من المصادر والتواصل المعرفي مع العالم، بعدها بين لبعض أعضاء اللجنة بأن الأغلب لا يستوعب العولمة بحقيقتها كما فهما بدقة عبدالباسط، بل الاغلب لم يعي ما وراء العولمة بقدر ما ادركه عبدالباسط من تجلياتها وخطورتها وما تحمل من تبعات مستقبلية امبريالية، وبالفعل مع ما حدث من تطورات سياسية وعسكرية صدقت رؤيتنا للعولمة أنا ومشرفيَّ، ورغم امتعاض البعض وما توصلنا من طروحات علمية دقيقة حينها نلت درجة الدكتوراه، وبعدها تأكد للجميع صدق ما تنبأنا به من خداع العولمة.

شخصية غير تقليدية

  المرحوم فيصل شجعني كثيرا في بناء شخصية غير تقليدية، حتى بات البعض ينقل لي اخبار فيصل بشكل مستمر، كون البعض يعتقد انه اقاربي، فلساني لم يفارق ذكره في محاضراتي او لقاءتي مع معارفي في الوسط الاكاديمي والفني، وبالفعل بت قريب منه كثيرا، ولم انقطع عنه في زياراتي أو في اتصالاتي به عبر التواصل الاجتماعي، المرحوم الدكتور فارس مهدي قال لي ذات مرة، اني لا اقدر أن أقول أسم فيصل إلا مع الدال، لأنعته بالدكتور فيصل الياسري، فهو يمتلك من المعارف والمعلومات والخبرة والممارسة ما تفوق ممن حصل على الدكتوراه، اجبته حينها .. لذلك اخترته مشرفا على الدكتوراه، اجابني خير من اخترت، سيخدمك خدمة كبيرة في الاطروحة، وبالفعل لم يبخل على باي معلومة او خدمة في مؤسسته الإنتاجية، بل عاملني بحميمية خالصة، قربني لكل معارفه كان يقدمني باسم الدكتور ومرات يقول لي عبدالباسط بيك لطيبته، بل انه قربني حتى لأقاربه أيضا، حتى ان مدبر اعماله "عبيد" يعرفني شخصيا منذ 25 عاما ويبلغني بمواعيده كي التقيه، رغم زحمة أعماله وانشغالاته المستمرة، فهناك الاف من عبدالباسط كانوا ولا يزالون يتمنون اللقاء بفيصل الأسطورة، وهو المتحدث الممتع الذي لو جلست معه ساعات ستمضي وكأنها دقائق لما يفيض بمعلومات ومعارف نادرة جدا.

أتذكر اني دعوته لمنزلي ذات مرة، وافق على الدعوة حبا بعبدالباسط وبعد ان نلت الدكتوراه، دعوت حينها الدكتورة حميدة سميسم عميد كلية الإعلام والدكتور المرحوم مظفر مندوب وعميد كلية الفنون وشخصيات اكاديمية كبيرة، كنا على الاغلب ننتظر منه أي حديث يمتعنا ويمر كنغمة معرفية او فكرية على اذاننا فنتذكرها جيدا، لا تزال كل المفردات الفيصلية في ذاكرتي، لا تزال الحكم والمواعظ والنصائح في بال كل محبيه وتلاميذه، فيصل الياسري ليس مجرد شخصية إعلامية كما يعتقد البعض، بل هو مؤسسة إنسانية أيضا، ألاف وألاف كان لفيصل دور في تغيير مساراتهم نحو الصحيح، بكلامه الطيب واسلوبه وأتكيته ومنهجه وذوقه، الكثير من المساكين والفقراء كان فيصل يساعدهم سرا، أتذكر مرة أني نقلته بسيارتي لجانب الكرخ كان قد ركن سيارته فيها، أنفق بمبالغ على كل من يجده في الطريق من المساكين، حينها وجدت انها طريق من طرق فيصل للنجاح "بمساعدة الاخرين سيساعدك الله تعالى" لا اعرف كم كان ينفق من ماله على الفقراء، إلا اني ما متأكد منه بان أعدادا كبيرة من الإعلاميين والفنانين كان يساعدهم فيصل بشكل أو بآخر، بل البعض منه قال لي بالحرف الواحد، إن فيصل أنقذني، فقد اشتريت شقة بفضله الله تعالى وفضله، فهو من منحني فرصة عمل ولمدة قصيرة حصلت على مبلغ كبير كنت احلم به، مكنني من شراء الشقة، الكثير من الحكايات تستحق ان تكون سيناريوهات، ودراما ممتعة وبنائه حول ما قدم فيصل الياسري، كاريزما نادرة جدا لن تتكرر، التقيت بشخصيات عراقية وعربية وعالمية لم أرى مثل فيصل بهذه الروحية والنفس الطيب وحب التعاون والخير والجاذبية، رحم الله تعالى فيصل الياسري واسكنه جنات العلا.. المعلم الانسان الفنان.

 

 

 


مشاهدات 482
أضيف 2022/11/02 - 5:00 PM
آخر تحديث 2024/06/25 - 5:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 226 الشهر 226 الكلي 9362298
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير