فاتح عبدالسلام
اجلسوا للحوار، اجلسوا للتهدئة، اجلسوا لمنع الحرب الاهلية، تلك رسالة أمريكية وصلت مع مساعدة وزير الخارجية، وكذلك عبر الإعلان الإيراني لدعوة القوى العراقية للتفاوض والتباحث.
هذا كله، يعرفه الجميع، ولا يقدم ولا يؤخر، لأنّ السؤال الجوهري هو: هل يوجد بند من بنود المعارض الأكبر للعملية السياسية الان وهو التيار الصدري على لائحة أي حوار يقام بين القوى السياسية التي قررت المضي نحو انتخابات جديدة كمخرج من ورطة آنية وليس كتصدٍ لجذور الأزمة واسبابها؟
اذا كانت البنود المعنية بمحاسبة الفاسدين وانهاء التبعية والمليشيات خارج القانون من ضمن جدول الحوار الذي تذهب اليه الرئاسات والقوى السياسية، فإنّ التيار الصدري لم تعد له حجة في الاعتراض لأنّ مطالبه صارت موضع بحث رسمي. لكن هل يكفي عرض المشاكل الأساسية كما تعرض ملخصات مقررات الاجتماعات العامة، وكل شيء ينتهي مع انفضاض الاجتماع؟ في الوقت ذاته هل يقتنع التيار بأشخاص وعناوين هو معترض على وجودها لكي تكون هي ذاتها الحَكم الذي يقرر كيف تعالج المشاكل الكبرى؟
يبدو انّ الذي يجري اليوم هو التضامن الجماعي والاضطراري لعبور المضيق، ولا أحد يعرف بعد ذلك خارطة واضحة للطريق المقبل، في ترحيل كامل الأزمة الى انتخابات أخرى، وهي ليست مبكرة، لأنها ربما لا تكون انتخابات نهائية، فقد تنطوي نتائجها ،مهما كانت، على أزمة جديدة، سوف تحتاج العودة مجدداً الى أصل المشكلة التي لا أحد يرضى بالرجوع اليها.
اجتماع القوى المختلفة مع الجهات الحكومية، رسالة للخارج بعد انكسار ونكوص واضحين امام العالم، تقول الرسالة ان العراق شكلاً ومضموناً ليس فقط ما يقرره التيار الصدري، الذي انسحب أساساً من العملية السياسية، وبات اعتراضه عليها عملا من خارجها وليس من داخلها. لكن منطق الوضع العراقي الهجين، يقول شيئاً آخر تماماً، بما يؤكد انّ ما يجري انّما هي حسابات نظرية وحاصل جمع توافقات في غرف ومربعات داخل المنطقة الخضراء، وانّ كل ذلك لا يمثل العراق بثقله الشعبي الحقيقي.
الانتخابات الجديدة الموعودة، ستخرج من نفس المخاض السياسي الجاري حالياً، لذلك ستكون منطلقا لأزمة أخرى، قد تكون سائبة النهايات وغير مسيطر عليها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية