ليس هناك مَن لا يخطىء، وليس هناك من إنسان متجاوزاً كلياً لأناه، وربما أمتلك الجرأة لأقول: ولا يجوز له ذلك!
إذن فإنّ ارتكاب الأخطاء هو أمر لا مفر منه في حياتنا البشرية، كما أننا يجب أن نقبل ونتعايش مع واقع نفوسنا التي لا يمكن أن تقفز عنه وتعيش حالة ملائكية ناكرة لأناها تماماً. ولكن الى أي الحدود وبأي الأشكال؟
ولكي نساهم في التراجع عن أخطائنا وتصويب مسارات سلوكياتنا ومواقفنا، لا بد من اشتراطات وممارسات معينة، منها:
- نشر الوعي بين الناس بأن خطأ الإنسان مسألة واقعية في حياته، وهي معذورة في حسن نيتها، وممكنة في اغلب الأحيان لتجاوز آثارها عند صفاء النية والاستعداد لتقويمها.
- زرع القيم والمواقف الاجتماعية التي تشجع وتدعم ولا تسفه أو تنتقص ممن يعترف بخطئه، لا بل واحترامه على ذلك.
- التعاون على تجاوز تداعيات أخطاء الآخرين والتقليل من آثارها على من تضرر منها.
- مراجعة القوانين والتعليمات التشريعية في اتجاه دعم مبدأ الاعتراف بالخطأ والاستعداد للتراجع عنه وتصويبه.
ان استمرارنا على نهج التشهير باخطاء الآخرين وانتهاز ذلك في تسقيطهم أو ابتزازهم أو التغلب عليهم هو سلوك لا يخدم تعايشنا السلمي وتآلفنا الاجتماعي والإنساني، لا بل يزيد من الطين بلة في تناحراتنا وعدواتنا وتفرقنا، من ناحية، ويشجع على عدم الاعتراف بالخطأ ممن صدر منه، من ناحية أخرى.
أننا نجد ذلك أحياناً كثيرة حتى في تعليقاتنا النابية ونقدنا السلبي بصورة صريحة أو مبطنة على آراء البعض ممن لا نحبهم أو لا نريد لهم الخير مبرزين ومشهرين بما جاء فيها، بحق أو بادعاء، من أخطاء، وبالمقابل نجد صاحبها لا يقبل بذلك النقد ولا يعمل على تصحيح ما وقع فيه من خطأ.
هذه الإشكالية نعيشها بالأخص في مجالي حياتنا السياسية والاجتماعية. ان كثيراً من منتسبي الأحزاب السياسية المختلفة تأخذهم العزة بالإثم ولا يكونون مستعدين للاعتراف أو التراجع عن ما ارتكبوه من أخطاء أو عن ما ثبت واقعياً عدم صحته من مبادىء وممارسات آمنوا بها وعاشوا معها، لما ذهبنا اليه من بيئة لا تشجع على الاعتراف بالخطأ، من ناحية، ولا تحترم من يمارسه من ناحية أخرى، ناهيك عن ما يلحق بصاحبه من آثار وتداعيات. وهذا الأمر ينطبق كذلك على من يريد الاعتراف بالخطأ في حياته وقيمه وسلوكياته الاجتماعية ويسعى الى تقويمه.
أختتم بالقول:إن رفع شأن سلوك الاعتراف بالخطأ فضيلة فردية واجتماعية وسياسية.