الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السمك الحي في طريقه إلى الإختفاء

بواسطة azzaman

فم مفتوح .. فم مغلق

السمك الحي في طريقه إلى الإختفاء

زيد الحلّي

صحبني احد الاصدقاء  الى " علوة الاسماك " الرئيسة في بغداد ، وهي المكان ربما الوحيد الذي يورد الاسماك الحية الى العاصمة ، وعند زيارتي لعلوة الرشيد ، وهذا اسمها الرسمي ، اكتشفتُ ان صديقي مغرم بتناول السمك بشكل كبير ، وانه يأتي الى العلوة  باستمرار لشراء ما يرغب بسعر مناسب (سعر الجملة ) وسبب اصراره على  ان ارافقه ، هو الاطلاع على معاناة العاملين في هذه العلوة ... فأذعنت لإصراره ، طالما ان فيها مادة صحفية تهم قطاعا وشريحة واسعة من المواطنين .

 ومع انبلاج صباح امس ، كانت سيارة الصديق تنطلق باتجاه هذه العلوة الواقعة عند تخوم بغداد من جهة شارع بغداد / الحلة .. كان في ظني اني سأجد في مدخل العلوة ، زحاما شديدا ، وسيارات محملة بالأسماك تسيل منها المياه ،  آتية من الاحواض والانهر، لكني فوجئت بوجود عدد ضئيل لا يتعدى اربع او خمس سيارات ، مع وجود عدد كبير من العمال واصحاب المكاتب الذين يشكلون قاعدة هذه العلوة ، عيونهم ترنو بشغف الى الداخلين الى العلوة ..!

ملاحظتي ، نقلتها الى صديقي ، فلم يجب ، لكن ما ان شاهد احد اصحاب المكاتب ، حتى بادر بالسلام عليه ، ثم قدمني اليه ، ورجاه ان يجيب على ملاحظتي ، قال الرجل ، بكلام يعتريه الياس ، ان هذه العلوة تعتبر اهم مكان في بغداد ، لبيع الاسماك ، ومنه تنطلق الاسماك بمختلف انواعها الى منافذ البيع بالمفرد ، ومن ثم  الى البيوت والمطاعم .. وكنا قبل نحو سنة او اكثر نستقبل يوميا منذ الساعة الثالثة فجرا حتى الساعة التاسعة مساءً افواج من السيارات ، وامام كل مكتب كانت تقف ثلاث او اربع سيارات ، وكل سيارة محملة بطن او اكثر من الاسماك ، علما ان في  العلوة ما يقرب من 18  مكتبا ، وعليك معرفة عدد الاطنان اليومية التي كانت تصلنا ،  ومن ثم نبيعها .. بينما اليوم تدخل الى العلوة نحو اربعة او خمسة اطنان فقط  ، ونحتار في تسويقها .. لقد انتهت العلوة !

وحين سألته عن اسباب هذا التدني ، اوضح بمرارة ، ان قلة ورود الاسماك  الى العلوة ، هو فقدان  الدعم الحكومي لأحواض ومزارع الاسماك ، فالكثير من اصحابها اغلقها او تركها ، بعد ان زاد سعر الطن الواحد من الاعلاف من خمسمائة الف دينار الى مليون وربع المليون دولار ، كما تم منع وصول المياه عن هذه الاحواض ، بسبب الظروف المائية الحالية .. وبالنسبة لنا ، كقطاع اداري في العلوة نشكو  قلة او بالأخرى انقطاع انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة  وايضا ضعف ماء الاسالة ، وكما تعرف نحن نعتمد على الاحواض البلاستيكية الملآى بالمياه لتدويرها  كهربائيا ، سواء من الوطنية او المولدات من اجل ان تبقى الاسماك حية ، وكل ذلك جعل الكلفة تزداد ، وانعكس ذلك على المواطن حيث ارتفت اسعار بيع الاسماك ، فابتعد عنها المواطن مرغما ، رغم حبه لتناول السمك .. لقد اصبح للنخبة .. فقط

ولم ادع صاحب المكتب ان يكمل ، فقد بانت المعاناة .. شكرته  ، وقفلت راجعا مع صديقي الذي اشترى كمية مناسبة من الاسماك  تكفيه شهرا.. وسطوري هذه ، هي  برسم الجهات المختصة ، ولاسيما وزارة الزراعة .. لكني اشك في اتخاذ اي اجراء يدعم هذا القطاع ، وان خوفي يزداد  بان يأتي زمنا لا نجد فيه اسماك عراقية حية.. فقط المستورد المجمد امامنا !

Z_alhilly@yahoo.com


مشاهدات 610
أضيف 2022/07/23 - 3:53 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:46 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 92 الشهر 92 الكلي 9362164
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير