وللحكمة قوافيها
حسين الصدر
-1-
ما أجمل الحِكَم والوصايا التي يُودعها الشعراء في قوافيهم، يحثون الناس على صيانة أنفسهم من الأدران والشوائب .
واذا كان حفظُ اللسان من التورط بالمحاذير مطلوباً ، فانَّ صيانة الأذُن عن القبيح مطلوبةٌ أيضا
قال الشاعر :
وَسَمْعَكَ صُنْ عَنْ سماعِ القبيح
كَصَوْنٍ اللسانِ عَن النُطقِ بِهْ
فانَّكَ عندَ سماعِ القبيحِ
شريكٌ لقائِلِهِ فانْتَبِهْ
لا خير في الثرثار، ولا خير فيمن يُصغي لأقوال الأشرار .
-2-
تفنى اللذاذةُ ممن نالَ صفوتَها
مِنَ الحرامِ ويبقى الإثمُ والعارُ
تَبْقَى عواقبُ سُوءٍ في مَغَبّتِها
لا خيرَ في لذةٍ مِنْ بَعْدِها النارُ
اللاهثون وراء اللذائذ المادية المحرمة ينسون أنَّ اللذاذة سرعان ما تزول ولكنّ الاثم المرتكب لا يزول ..!!
ولا يكف الشيطان عن اغراءاته لايقاع الانسان في شَرَكِ العصيان وإبْعادِهِ عن نعيم الجنان .
وهنا ما يجب ألا يكون موضع غفلة أو نسيان .
-3-
الخَلْقُ كلُّهم عيالُ اللهِ
تحتَ ظِلالِهِ
فأحبُّهم طُرّا إليهِ
أبرُّهمُ بِعِيالِهِ
فأين أحبابُ الله الساعين لنفع عباده دُون كَلَل ولا ملل ؟ لا يبتغون من وراء ذلك رياءً ولا سمعة بل يخطبون بأعمال البر والخير والاحسان الحُورَ العين مِنْ ربهم ...
-4-
اذا تضايقَ أمرٌ فانتظرْ فَرَجا
فأضيقُ الأمرِ أدناهُ الى الفَرَجِ
ومع هذه الرؤية الثاقبة فليس ثمة مِنْ يأس ولا قنوط .
-5-
ما يبلغُ الأعداءُ مِنْ جاهِل
ما يبلغُ الجاهلٌ مِنْ نَفْسِهِ
الجهل أقبح الصفات
والجاهل يُزري بنفسه ، ويجني عليها، ويهيء الفرص لاعدائه للايقاع به ، وتلك هي الخسارة الفادحة .
-6-
ان العجلة مذمومة – كما هو معلوم – ومن مصاديق العجلة المذمومة سرعة الجواب قبل أنْ يتم صاحبُك كلامَه، فايّاك أنْ تعجل قبل أنْ يُنهي المتكلم حديثَهُ ، والاّ وقعتَ في المآزق المحرجة .
وقال الآخر :
اسمعْ مخاطبةَ الجليس ولا تَكُنْ
عَجِلاً بنُطْقِكَ قبلَ ما تتفَهمُ
لم تُعْطَ مَعْ أُذُنَيْك نُطقاً واحداً
الاّ لتسمَعَ ضِعْفَ ما تتكلمُ
ولا تَنْسَ أنْ لك لساناً واحداً لكنك تملك أُذُنيْن، في اشارة واضحة الى أنَّ الاستماع للآخر حَرِيٌ ان يكون ضِعْف ما يتحرك به اللسان ..!!
-7-
يخاطبني السفيهُ بكل قبح
وأكره أنْ أكونَ له مُجِيبَا
يزيدُ سَفاهَةً وأزيدُ حِلْماً
كَعُودٍ زادَهُ الإحراقُ طِيبا
وهذا نظير قول الآخر :
اذا نطَقَ السفيهُ فلا تُجِبْهُ
فخيرٌ مِنْ اجابَتِهِ السكوتُ
انّك بالترفع عن الاجابة تترك السفيه يصطلي بنار خَيْبَتِه .
-8-
إذا قَلّ ماءُ الوَجْهِ قَلَّ بهاؤُه
ولا خيرَ في وَجْهٍ اذا قلَّ ماؤُهُ
حياؤك فاحفَظْهُ عليكَ فانما
يدل على فَضْل الكريم حَياؤه
واعداؤنا حريصون على ان يسلبوا الحياء منا ولكنهم يفرشون طريق المثليين بالورود والرياحين .
في مفارقة كبرى للدين والأخلاق .
-9-
وعينُ الرضا عن كُلّ عَيْبٍ كليلَةٌ
ولكنّ عيْنَ السُخط تُبدي المساويا
من المعيب للغاية أنْ تُغمض عينَك عن المحاسن حال الغضب، وتسترسل في ذكر المعائب ...
انّ الحصيف المنصف لا يبخس أحداً حقه ...
ولا يسلبه محاسنه حتى في حال الغضب .
وقد درج الناس على مدح مَنْ يُحبون بأعلى صِيغ المدح، وذمّ مَنْ يكرهون بأعلى صيغ الذمّ مع أغماض النظر عن كل ما يحمل من ايجابيات ..!!
-10-
مَن لم يؤدِبْهُ والِداهُ
أدّبَهُ الليلُ والنهارُ
التحديات التي يواجهها الانسان في مساره الحياتي ليست بقليلة، واذا لم يكن قد أتقن صياغة المواقف باهمال مِنْ والديْه فانّ تلك التحديات كفيلةٌ بانْ تمنحه الخبرة والقدرة على تجنب العثرة .