الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البوليفونية -الإتصالية وفاعليتها على المتلقي والنسيج المجتمعي

بواسطة azzaman

البوليفونية -الإتصالية وفاعليتها على المتلقي والنسيج المجتمعي

 

 فيصل عبد عودة

 

إن الفضاء الأعلامي هوفضاء إنساني بالدرجة الأولى، ينتج من قبل المبدعين والعاملين في الاوساط الأعلامية المختلفة بالنسيج الأجتماعي المختلف الميول والأتجاهات والرغبات والذائقية ، فيعالج قضاياه ويعبّر عن همومه، فيتأثر الإعلام بكل ما يحيط به، خصوصاً تلك المرتبطة بالنواحي الاجتماعية والثقافية والدينية التي من شأنها أن تؤثر على البنية الأيدولوجية والنفسية للشخصيات التي يوظفها المبدع داخل الفضاء الأعلاميوالبوليفونية هي المدرسة التي راجت في النصف الأول من القرن الماضي أو المدرسة البنيوية. ثم جاءت مدرسة تنظّر إلى الطرف الثالث من التعامل مع أي نص سردي، وهم القراء أو المتلقون للعمل الفني أو العمل الأدبي أو العمل الأعلامي، وهي ما يطلق عليها سلطة المتلقي أو القارئ، وهي مدرسة راجت أيضا في القرن العشرين (المدرسة التفكيكية.( بالتالي تتعدد الرؤى, وحين يتحقق هذا التعدد ينجز النص البولفوني، أي أن البوليفونية تتسم بالديمقراطية وقبول التعدد في وجهات النظر...؟ هنا نلاحظ أن البوليفونية تتحقق في أشكال متعددة من السرد: رواية، قصة قصيرة، السيرة والترجمة الذاتية، وفضاء الاعلام...وهنا نستطيع تشخيص سياقات وقوالب التعدد في النص الأعلامي المقروء والمرئي والمسموع الذي يتحايث مع البوليفونية الاتصالية في طرح الفكرة الواحدة او الحدث الواحد أو الموضوع الواحد من خلال تعدد شخصيات وأحداث المتن الحكائي الاعلامي وتعدد درجات الوعي وتعدد الضمائر والاساليب داخل النص وكذلك البناء المركب  له . اذن تحددت البوليفونية الاتصالية من هي إلا انفلات من الاتصال الواحد والرؤية الواحدة والانفتاح على وحدات إتصالية مختلفة ومتعددةفتجّلت البوليفونية الاتصالية بالبحث عن تنوع وتعدد اشكال الاتصال المختلفة وطرائق اتصالها وتأثيرها على النسيج الاجتماعي من خلال الانفتاح بالتقنية الجديدة التي اوحت بها الاتصالات بعصر ما بعد الحداثة .فأصبح النص الأعلامي ضمنياً نصاً حواريا تأويليا مهجّناً, تتعدد به اللغات واللهجات والاساليب والاصوات واللغة والرؤى والايدلوجيات التي تعكس تنوعا  واقعيا واجتماعيا وطبقياوهنا  يتبين لنا أن المقاربة البوليفونية هي منهجية عملية إجرائية في جوهرها، تدرس الملفوظ أو النص أو الخطاب في حواريته وتعدديته الصوتية والسردية واللغوية والأسلوبية والدلالية والإيديولوجية، سواء على مستوى البنية أم الدلالة أم الوظيفة.   ويمكن الحديث عن ثلاث بوليفونيات أساسية في مجال الأدب واللسانيات وتحليل الخطاب هي: البوليفونية الأدبية مع ميخائيل باختين، وتودوروف، وجوليا كريستيفا...؛ والبوليفونية اللسانية مع أوزوالد دوكرو، وأنسكومبر، وأعضاء سكابولين، وغيرهم؛ والبوليفونية التأويلية أوالهيرمونطيقية مع بول ريكور.

(1)

   إن المقاربة البوليفونية أو الديالوجية أو الحوارية لاتقتصر على الملفوظات والأحاديث اليومية العادية فحسب، بل تتجاوزها إلى النصوص والخطابات الإبداعية والأدبية والدينية والفلسفية والإعلامية التي تتضمن في طياتها تعددا في الأصوات المتكامة، وتنوعا في الرؤى السردية، واختلافا في الضمائر، وتعارضا في وجهات النظر الإيديدلوجية. وهنا تختلط الذوات المتلفظة والمستقبلة ضمن سياقات تواصلية وتداولية وحجاجية متنوعة ومختلفة المقاصد ,فتتعدد الصورة هي الاخرى وتتشاكل مع الغرض المقصود بطرائق منهجية خاضعة للفهم والتأويل والتفسير والفهم والنقد. فأخذ مصطلح البوليفونية حيزا واسعا في الفهم بمجال الموسيقى الذي اتسقت وانسجمت به مجموعة اصوات العزف وتآلفها فنيا وجماليا ضمن وحدة هارمونيه نسقية , بعد ذلك إنتقل المصطلح من مجال الموسيقى الميداني الى مجال الادب واللسانيات والنقد والفضاء الاعلامي والصورة السينمائية والتلفزيونية. إن البوليفونية تعني تعدد وجهات النظر على مستوى وحدات المضمون. في حين تعني الحوارية تعدد الخطابات التخييلية أوغير التخييلية على مستوى الشكل. وهنا تضمنت الخطابات الصورة المتخيلة للحدث أو الموضوع المقصود المستهدف إيصاله الى المتلقين من أجل تفعيل الجانب التشاركي في النسيج الاجتماعي لأنتاج الظاهرة التي من شأنها دراستها وتغطيتها أعلاميا بين افراد المجتمع.فتعدد الاصوات فيها هي بلورة كل ما يحيط بها من افكارعلى مستوى النص الاعلامي والأدائي والتقني الفني الجمالي لتحقيق متلقين بذوات عارفة , وتوظيف التقنية الصورية التي تسهم في إيصال الفكرة والغرض بأنسجام متكامل على مستوى الصورة الواقعية أو المفترضة المتخيلة. لذلك يستلزم الفضاء الاتصالي- البوليفوني متكلمين متحدثين ومستمعين مستقبلين، وقصدية، وزمانا، ومكانا، وسياقا. ويعني هذا أن ثمة حضورا وجوديا وتلفظيا للذات المتكلمة والذات الأخرى، مادام هناك حوار وجواب وسؤال...ومن ثم، فالتلفظ عملية تفاعلية بين المتكلم والسامع، تتحقق بطريقة صريحة أو ضمنية من جهة، أو بطريقة حرفية أو حوارية من جهة أخرى. ولايمكن الحديث عن إتصالية بوليفونية حقيقية إلا بوجود مجتمع المتحاورين والمتناظرين سواء كانت سردية أم صورية ومن الذين يدخلون في علاقات حوارية وتخاطبيةفتقوم البوليفونية الاتصالية الحوارية على عرض الملفوظات المتبادلة، بربط الحوارات الحالية مع الحوارات السابقة تارة، والحوارات اللاحقة تارة أخرى. أما البوليفونية الاتصالية الصورية فهي تهيئة جميع مستلزمات القوالب الاتصالية الفنية منها والتقنية والتركيز على الحدث -الموضوع وشخصياته لحين تحقيق القصد وتغطيته واقعيا وإجرائيا...

(2)


مشاهدات 382
أضيف 2022/04/12 - 3:24 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 5:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 19 الشهر 8008 الكلي 9370080
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير