كيف تحكم اتجاهات وسائل التواصل الأجتماعي اليوم ؟
عشر حقائق على هيمنة الإتجاه السائد (الترند) في حياتنا وثقافتنا
فاروق سلوم
تتحكم خوارزميات محددة تنتج عن تكرار مشاهداتنا لأفلام وصور واحداث على الجوال الشخصي او تعرضه لنا احدى وسائل التواصل الأجتماعي حال دخولنا اليها . تطبيق التك توك مثلا هو اشهر وسيلة تعتمد تلك الخوارزميات التي ينتجها دخولنا المتكرر على صنف معيّن من العروض والأفلام والصفحات التي تتيحها وسائل التواصل الأجتماعي وتجلب انتباهنا المتكرر اليها .
انه نوع من تقصي سيرتنا على تلك الوسائل السائدة اليوم . وان كثرة انتشار نوع ما من الأخبار والأفلام والأفكار والشخصيات بشكل كبير ومؤثر في حياتنا وثقافتنا عبر تلك الوسائل التي تسمى " اتجاه او تريند" انما تضيف تأثيرات مختلفة علينا . .
ويعّرف البعض من المتخصصين الترند على انه " تغيير أو تطوير نحو شيء جديد أو مختلف، يدفع القيام بشيء يصبح مقبولًا أوعصريًا ، ويقوم بنسخه الكثير من الأشخاص الآخرين من حولنا . و يتحقق ذلك عندما يكون هناك شيء ما لافت ومكرر مثل موضوع او اسم شائع ما يجعل الكثير من رواد مواقع التواصل الأجتماعي والناس عموما يذكرونه او يناقشونه على تلك الوسائل السائدة اليوم .وهناك عشرة عوامل او عناصر لعبت دورا كبيرا وماتزال في خلق تأثيرات الأتجاهات المؤثرة " توب تريند" في حياتنا وما يقابلها ، تلك التي تخلقها تلك الوسائل في حيتنا وثقافتنا ومايقابلها من رغباتنا واتجاهاتنا التي ننزع بأتجاهها . واستعرض هنا عشرة عناصر للقوى الجاذبة والمؤثرة والمتبادلة بيننا وبين قوة التريند المؤثر في وسائل التواصل الأجتماعي.
السرعة
كل شيء يتسارع اليوم بفضل هوسنا بالتكنولوجيا والكفاءة ، وعلى الرغم من أننا في الحالات الخلافية يمكن ان نلقي اللوم على الكومبيوتراو البريد الألكتروني والأنترنيت والعولمة في حال كانت تلك السرعة قد خلقت بيننا نقاطا خلافية او افكارا متضادة احيانا ، الا اننا نواصل تلك السرعة المتحكمة بحياتنا الحديثة لتحقيق اهدافنا ومصالحنا .
فمثلا السفر بتكلفة منخفضة ، والوصول إلى السلع والخدمات على مدار الساعة طوال أيام الاسبوع ، وتعدد المهام والأعمال ، والوجبات الواصلة في دقائق ، وحياة الأسرالمحمومة في حركتها ، ونساء المنزل او "أمهات الميكروويف" كما يطلق عليهن ، وموجة الوجبات السريعة ، وحتى انعدام الأمن ، وانتصارات الدقيقة الواحدة ، والأفراد (والمنظمات) الذين يريدون كل شيء ان يتحقق في اليوم التالي، بينما النتيجة المنعكسة على حياتنا هي التوتر ، والقلق ، وقلة النوم ، وعدم وضوح الحدود بين العمل والمنزل ، واختلال التوازن بينهما، وتخلخل العلاقات بين الأفراد والرغبة بأبطاء حركة مايحصل طوال الوقت .. ولكن دون جدوى!
القلق
في العالم اليوم تتفجر ما يقرب من 40 حربًا في 35 دولة تحدث أثناء قراءة هذا المقال . وينتشرالإرهاب بشكل يشيرالى ان الأرهابيين يمكن ان يسببوا خللا امنيا، والكثير من عناصر القلق اليومي على حالة الأستقرار، وعلى الأقل هذا ما يشعر به الناس وهو الشعور الدائم بالخوف .لقد استقرهذا الأحساس في حالة القلق الدائم ،. لكن الشعور العام بالقلق لن يزول اذ تبخرت الثقة بالأنظمة تقريبًا و (لم يعد الناس يثقون بمؤسسات مثل الحكومة أو الشرطة ا والخدمات عموما) وتبدو سرعة التغيير ، جنبًا إلى جنب مع التكنولوجيا لا تمكنهم من مواجهة اسباب القلق تلك التي جعلت الناس يتوقون إلى الماضي. هذا الشعور بعدم الأمان هو إلى حد ما يتملك جيل من الناس الآن من الحنين . لكن سواء كنت في الثامنة عشرة أو الثمانين من العمر ، يظل هناك شعور عام بالعجز وهوما يغذي كل شيء من اطلاق تسميات على حقب سابقة او امتداح الأمس، غير ان ذلك يبدو وهما بشكل يجعل نمو الفردية و النرجسية والمناطقية والقبلية والأنغلاق والبحث عن مكان التوطين هو الهدف الواضح جراء تلك التأثيرات اليومية .
التغيير السكاني - الديموغرافي
الديموغرافيات هي الأم لجميع الاتجاهات أو ، كما قال أحد المتخصصين ببلاغة أكثر ، "التركيبة السكانية هي القدر". وفي اوربا مثلا يبدو التحول الديموغرافي الكبير يكمن في الشيخوخة اذ يبلغ في أوروبا مانسبته 25? من السكان في عمر ال 65 عامًا أو أكثر. ويرتبط بهذا ارتفاع عدد الأسر التي تعيش بالمعونة الاجتماعية ، وهناك (46 مليون عائلة في عموم أوروبا) تمثل زيادة في عدد الأرامل ، ولكن هنالك أيضًا زيادة في نسب الطلاق بين الأشخاص الذين يتزوجون الان أو لا يتزوجون على الإطلاق فمثلا مانسبته(42? من القوة العاملة في الولايات المتحدة غير متزوجين). ان انخفاض معدل الخصوبة والعائلة النووية الصغيرة وعدم الزواج تمثل تحولات متعاكسة في مشكلة التغير السكاني هبوطا او صعودا الأن .
. العالمية والمحلية
من الواضح أن العولمة اتجاه كان له تأثير هائل ، لكن إذا نظرنا إلى الأمام بعيدًا بما يكفي ، فسيبدو أن المستقبل سيكون محليًا. ويمكننا بالفعل رؤية الدليل على هذا التحول عبر حقيقة أن التوطين – في الوظيفة والحياة هو اتجاه رئيسي في كل شيء من الغذاء إلى السياسة. ومن الأمثلة انه من الممكن أن يتحول الاتحاد الأوروبي إلى وحدات محلية أو حتى دول ومدن صغيرة وعواقب ذلك ستكون غير عادية. من الناحية النظرية ، لا يزال أمام العولمة سنوات عديدة لتستمر (وستعمل جنبًا إلى جنب مع الاهتمام بكل الأشياء المحلية) ولكننا أصبحنا بشكل متزايد تحت رحمة الموارد. اي ببساطة ، عندما تنفد الموارد الطبيعية مثل النفط ،ولن يكون أمامنا خيار سوى التوقف عن اعتماد أسلوب حياة عولمي أكثر، بل العودة إلى حيث بدأ كل شيء بتلك البساطة من ابتكار الحلول المحلية.
السعادة
لا تزال المادية قائمة على قدم وساق لكنها بدأت تفقد جاذبيتها لدى العديد من سكان الكوكب. نحن نعمل بجد أكبر ونعمل لفترة أطول - ونكسب المزيد من المال نتيجة لذلك - ولكن أصبح من الواضح أن المال لا يمكن ان يشترى كل شيء. أن الهوية لا تتشكل من خلال ما تملكه أو تستهلكه ولكن من خلال السؤال من أنت وكيف تعيش . و إلى حد ما ، فإن ظاهرة السعادة هي في الحقيقة ان الجميع ينشغل بالبحث عن" المعنى" . ومن هنا يبدو تنامي الأهتمامات الروحانية اليوم كمحاولة لأيجاد بديل لمؤثرات الأتجاه العام .
الذاكرة
نحن نعيش بشكل متزايد في عالم ينسى. وتكاد الشركات لا تملك أي إحساس بتاريخها الخاص بعد انكشاف الفضائح والأخطاء ، في حين يفرح السياسيون بشكل إيجابي بحقيقة أن الناخبين لا يمكنهم تذكر (أو اختيار نمط من نسيان) الأكاذيب ووسائل الخداع وحتى السلوك الإجرامي الذي اعتمده البعض منهم للفوز. وهذه المشكلة في عالمنا اليوم تظهر لأن القوة أساسًا هي " معركة بين الذاكرة والنسيان" . ولسوء الحظ ، يعد فقدان الذاكرة نتيجة ثانوية لاتجاهات التسريع واختصارالمسافات.الذي يعني كشف مايحصل للزمن الحاضر الذي يمكن فيه قياس فترات الانتباه تقريبًا بالثواني وان هذا بدوره قد يؤدي إلى فقدان الذاكرة لدى افراد الجيل من كبار السن على العكس من ذلك ، أصبحنا نحن ، مهتمين تقنيا بشكل متزايد بالحفاظ على ذاكراتنا. "التخزين المؤقت للحياة" وهو اتجاه رئيسي (وصناعة بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي) حيث يقوم الأشخاص بتنزيل (أو تحميل) كل شيء بشكل فعال من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية إلى الصور ومقاطع الفيديو والكلمات والأقوال المنطوقة وحفظها لأستعادتها. وبالمثل ، يعد حجز وحفظ البقايا الأثرية اتجاهًا ساخنًا في الوقت الحالي ، على الرغم من أن المرء يشك في أن هذا قد يكون له علاقة بالحنين إلى الماضي والاسترخاء .. أكثر من فكرة الخلود التي تمثلها بقايا الماضي.
مترابطة شبكة
اعتاد البعض القول أنه عندما تعطس الولايات المتحدة ، يصاب بقية العالم من الحلفاء بنزلة برد. في هذه الأيام ، نرى جميعًا ونحس بهذا البرد في الوقت الفعلي. كل شيء يتأثر من البلدان وأجهزة الكمبيوتر إلى الصناعات والأدوات التي يتم ربطها معًا بشكل متزايد. و في المستقبل ، يمكنك أن تتوقع أن ترى هذا الاتجاه يتسارع بشكل أكبر بفضل انظمة الرقابة والتعقب على المواد المنتجة الى الغبار الذكي وحركتهما و كل شيء من علامات جيدة
اوسيئة تظهرها تلك الرقابة وحركة تعقب المنتج والخزين. إنه أمر جيد لأن المعلومات (الجيدة والسيئة) ستنتقل حول العالم على الفور. هذا يعني أن كل شيء سيصبح شفافًا. وإنه لأمر سيء لأنه في المستقبل ستكون هناك خصوصية قليلة أو معدومة ، وبما أن كل شيء متصل ، إذا فشل شيء ما في منطقة ما يمكن أن تتأثر "الشبكة" بأكملها او ما يسمى"الفشل المتتالي" وهو المصطلح الذي يستخدمه بعض المتخصصين. يوضح هذا كيف يمكن لخاصية النسخ التنقل حول العالم بهذه السرعة وأيضًا كيف يتم نسخ الابتكارات بهذه السرعة. والمتخصصون على يقين من أن الإنترنت والأجهزة مثل الهواتف المحمولة محصنة ضد مثل هذه الأعطال الشبكية بسبب تصميمها، كما لا نعتقد او نتوقع إخفاقًا كارثيًا حيث سيكون قابلا للتعافي) في غضون السنوات العشر القادمة.
الولايات المتحدة ولآخرون
من الواضح أنه سيكون من التبسيط للغاية تقسيم العالم بين أمريكا (وحلفائها) وبقية العالم ، لكن بعض الناس يرون الأمر على هذا النحو وهو امر متاح في وضوحه اما من خلال التحالفات او اتساع رقعة الأبتكارات الجديدة . لكن سيظل العالم ينتج وسائله بشكل تنافسي واسع .
التخصيص
ان الشيء الأكثر إثارة للاهتمام في الابتكار هو أنه يجسد التخصيص بأنتماء المنتج الى دولته ، بينما العولمة تهتم بخلق التسليع والتجانس ،وهو ما يخلق الاتجاه المضاد للتخصيص حيث يتفاعل الناس مع المنتجات ذات الإصدار القياسي الكمي .
وهنا يصبح التخصيص موضوعا فرديا بمجرد اضافة جرعة من التكنولوجيا على صفات المنتج من وجهة نظر شخصية.. واهلاً بك ايها العميل ، لقد حصلت على منتج يمكن للمستخدمين تخصيصه وفقًا لأذواقهم واحتياجاتهم.
وهناك توقع أن تقدم العشرات من المنتجات في الأسواق المختلفة درجة مماثلة من التخصيص في السنوات القادمة حيث تلبي رغبة العميل الإمكانيات التكنولوجية غير المتخصصة الواضحة الهوية .
الأصالة
ان فيض المعلومات يظهر من خلال أنصاف الحقائق والأكاذيب التي تطلقها الشركات التسويقية. اما اقوال السياسيين فأننا نعرف من خلالها انهم يريدون بيع شيء ما لنا من الدعايات والأكاذيب! لكن الرد على كل هذا هو الاهتمام بالأصالة أو "الواقعية". ان الناس يريدون في هذا الوقت بمعرفة مصدر الأشياء (أو اصول الأشخاص) وما إذا كان يمكنهم الوثوق بهم ام لا . وانهم يريدون أيضًا أن يعرفوا ما هي القصة - المضمون.وبالطبع هناك تناقضات مكشوفة لنا من ناحية ، ونتوقع من ناحية اخرى أن يكون الأشخاص والمنتجات والأقوال التي تقدم لنا جديرة بالثقة ، وانها أخلاقية وحقيقية وتحكي مضامين عن تاريخهم وعن حقيقتهم. ولكن من ناحية أخرى ، وتحت وطأة الأتجاه - التريند نكتشف اننا نحن او الكثير منا نساءً او رجالا صرنا نعيش حياةً مزيفة بشكل متزايد - نملأ شفاهنا بالبوتوكس ، ونصبغ شعرنا باللون الأشقر ، ونكبر اثداء النساء ونتظاهر بأننا أكثر سعادة مما نحن عليه بالفعل ونحن نعيش تأثير الأتجاه – التريند المغري الذي لايخلو من الأوهام .
فكرة اخيرة
يبدو تأثير الاتجاهات على مجتمعنا ، عالمنا ، أكثر حضوراً من أي وقت مضى. كل يوم ، تؤدي الأحداث الجديدة التي تؤثر على حياتنا اليومية إلى المزيد (أو أقل) من الأفكار الإبداعية والمبتكرة المتعلقة بالأفراد والشركات ، وهناك شيء واحد واضح هو ان : الاتجاهات لديها القدرة على السماح لنا بالتركيز على تصور المكان والزمان "هنا والآن".
ولكن تساؤلنا كان محاولة لمعرفة ما هو بالضبط الحمض النووي للاتجاهات؟ و كيف يتم تنفيذها خاصة في صناعة نمط الحياة
وواضح ان الاتجاه هو بداية شيء جديد ، يأخذ منعطفًا أو دورانًا أو تطورًا لشيء موجود بالفعل ليصبح شيئًا جديدًا ثم بمرور الوقت ، يصير طبيعيًا أكثر قبل أن يصبح شيءا اخر
اليوم ، تنتشر الاتجاهات بسرعة كبيرة بسبب وسائل التواصل الاجتماعي. هناك اتجاهات الموضة والمنتجات المرتبطة بالكثير من الضجيج. تظهر بسرعة ، ولكن يتم استبدالها أيضًا قريبًا بأخرى. هناك اتجاهات اجتماعية وثقافية تتساءل عن كيفية تغير المجتمع ، ومن ثم هناك اتجاهات ضخمة ، مثل الفردية أو التحضر والتوطين والأصالة والهوية. كل هذه الاتجاهات لها علاقة ببعضها البعض ، لكن الاتجاهات الضخمة هي الأكثر ديمومة ، وستستمر ما بين 30 إلى 50 عامًا وتنصرف نحوها الدراسات والبحوث والأفكار ..