وسائل وأساليب معالجة الطائرات المسيرة بدون طيار

 عماد علو

المقدمة

لم يعد خافيا" اليوم أنّ الطائرات بلا طيّار هي سلاح المستقبل الأكيد، ومن يملك ناصية هذه التقنية فلا شكّ أنه سيكون هو المُسيطر على أجواء المعركة ومسار الحرب. خصوصا إذا ما نظرنا الى الموضوع من ناحية الكلفة والتأثير، حيث إنّ العمل على تصنيع أو تجميع الطائرات بلا طيّار أو شرائها لا يُكلِّف كثيرًا من المال، ففي الوقت الذي يُكلِّف شراء طائرة حربيّة تقليديّة عشرات الملايين من الدولارات، كما إنّ بقاء الطائرة الحربيّة التقليديّة في الجو لا يتجاوز الساعات في اليوم الواحد، في حين يتخطّى بقاء الطائرة بلا طيّار أيّامًا أو حتى أسابيع.  وقد ثبت بالتجربة إنّ اضطلاع الطائرة بلا طيّار بمهمات مُتعدِّدة يتجاوز، بشكلٍ ملحوظ، ما يُمكن أن تقوم به الطائرة الحربيّة التقليديّة. ومن الناحية العلمية فقد ثبت إنّ تحليق الطائرة بلا طيّار على ارتفاعات عالية جدًا يُشكلّ تحديًا أكيدًا للطائرة الحربيّة التقليديّة، فهي لا تقوى عليه.

وعليه لابد لنا في العراق أن نولي هذه التقنيّة الأهميّة التي تستحقّ. ولو طُلب منّا تقديمُ الدليل، مُجدّدًا، على أهميّة الطائرات بلا طيّار ودورها في إدارة حروب المستقبل في العالم أجمع لاكتفينا بالإشارة إلى وضعها، أولاً، كأداةٍ ضروريّةٍ لا غنى عنها اليوم للحفاظ على الأمن الوطني(القدرة على الرصد والمراقبة والمعالجة)، وإلى وضعها، ثانيًا، كسلاح أساسي فعّال لحسم أي حربٍ (أو على أقلّ تقدير، معركة)، محليّةٍ أو عالميّةٍ، أو للدفاع عن النفس ضدّ أي خطر خارجي أو داخلي.

استراتيجيات الأنظمة الجوية المضادة للطائرات المسيّرة

ونظرا إلى تسارع وتيرة استخدام الطائرات الصغيرة المسيّرة في النزاعات الدائرة في مختلف أنحاء العالم ولا سيما بين الجماعات غير التابعة لسلطة الدولة والتنظيمات الإرهابية، فقد لقيت تكنولوجيا الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة ـ أي الأجهزة المستخدمة للكشف عن تلك الطائرات و/أو اعتراضها ـ مؤخرا اهتماما ملحوظا حتى أصبحت اليوم معتمدة على نطاق واسع. ومع ذلك، لا يزال هذا المجال الناشئ يواجه عددا من التحديات التي تعرقل أساليب ونظم واساليب معالجة تهديد الطائرات بدون طيار والتي من أهمها ما يلي: -

- صعوبة رصد ورؤية هذه الطائرات بالعين المجرّدة حتى من مسافات قريبة.

- صعوبة بالغة في كشفها بواسطة رادارات الدفاع الجوي المصممة أصلاً للكشف عن الطائرات الكبيرة والسريعة.

- الكلفة العالية لأسلحة الدفاع الجوي المضادة للطائرات - مقارنة بالتكلفة المنخفضة للغاية للطائرة بدون طيار- لا تجعلها حلاًّ مستداماً. فعلى سبيل المثال، تصل تكلفة صاروخ "باتريوت" واحد ما يقرب من مليون دولار في حين يبلغ سعر الطائرة التجارية الصغيرة بدون طيار أقل من 500 دولار.

الا أن النقطة الحاسمة في موضوع أساليب وطرق التصدي للطائرات المسيرة تتمثل برصدها وكشفها قبل وصولها الى الهدف باستخدام تقنيات الكشف والتتبع، على الرادار، ورصد الترددات اللاسلكية، استخدام كذلك أجهزة الاستشعار العاملة بالأشعة تحت الحمراء، وأجهزة الاستشعار الصوتية التي تكشف الصوت المميز الذي يصدره النوع الشائع من الطائرات دون طيار. الا أن الجهود الدولية تنصب اليوم على ايجاد أساليب وطرائق شتى لمكافحة الطائرات المسيرة، وتشمل ما يلي: -

1- الأساليب التقليدية بتدمير الطائرات المسيرة المهاجمة بإطلاق الصواريخ المضادة نحوها.

2- الأساليب غير التقليدية التي تهدف إلى إبطال مفعول الطائرات المسيرة المعادية بالتشويش عليها باستخدام تقنيات الإعاقة التشويشية، وأهم الأساليب غير التقليدية في في التصدي للطائرات المسيرة:-

- تشويش الصلات اللاسلكية.

- تشويش أنظمة تحديد المواقع العالمية.

- الانتحال (تقنية للسيطرة على طائرة بدون طيار من خلال الاستحواذ على رابطة الاتصالات الخاصة بها).

- أجهزة الليزر، والموجات الكهرومغناطيسية، وأنظمة الشِّباك أو التشابك الأخرى.

- طريقة الشباك للالتقاط / الصيد للطائرة المسيرة.

- استخدام الصقور لاعتراض الطائرة او التقاطها.

معاضل وتحديات معالجة الطائرات المسيرة بدون طيار: -

على الرغم من الإمكانيات المتعددة، ما زالت تكنولوجيا الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة لا توفر بأي حال من الأحوال رداً كاملاً على تهديدات الطائرات الصغيرة بدون طيار. ولذلك لا بد لهذا الحقل أن يتغلب على مجموعة من المعاضل والتحديات الجمة في المرحلة المقبلة. والتي من أهمها: -

1- الفعالية في كشف الأهداف: لا توجد تقنية كشف واحدة بين تقنيات الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار قادرة على كشف وتعقّب كافة أنواع الطائرات بدون طيار في جـــميع الظروف.

2- التقارير الخاطئة: يجب على منظومات كشف الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار التمتع بمستوى متدنٍّ من النتائج السلبية الخاطئة والنتائج الإيجابية الخاطئة.

3- تمييز الاستخدام المشروع للطائرات بدون طيار: قد تضطر الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار في أماكن العمليات المستقبلية إلى التمييز بين الطائرات بدون طيار الحليفة والعدوّة. وينطبق هذا الأمر على بيئة العمليات في زمن السلم وزمن الحرب ككل،

4- المخاطر الناجمة عن الاعتراض (التصدي): من الممكن للطائرات بدون طيار التي يتم اعتراضها بوسائل ملموسة - كالليزر أو المقذوفات - أن تسقط على الأرض بسرعة عالية.

5- الأنظمة المضادة للتدابير المضادة: من الممكن أيضاً أن تطرح الأساليب غير الحركية مشكلة لأسباب مختلفة. فأنظمة التشويش على الترددات اللاسلكية تعمل على تعطيل اتصالات الطائرة بدون طيار مع المشغّل، ولكن يمكن برمجة العديد من الطائرات المسيّرة للعمل بدون اتصال بالتردد اللاسلكي.

6- الفعالية العامة: كما هو الحال في كثير من الأحيان مع التكنولوجيات الناشئة المعقّدة، هناك العديد من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار التي لا تتمتع بالفعالية نفسها التي تسوَّق لها. لأن هذه الطائرات المسيّرة تتخذ أشكالاً جديدة بشكل متزايد وتستعين بأنظمة اتصالات وملاحة وطاقة جديدة قد تكون منيعة بوجه تقنيات الكشف والاعتراض القائمة.

7- قضايا قانونية: في الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، من الممكن إقرار قوانين تضبط التدابير المضادة للطائرات بدون طيار أو تحظرها - كالانتحال، والاعتراض عن طريق التشويش، والكشف/التعقب عبر تحميل معلومات عن موقع الطائرة وبيانات تتبّع الاستخدام.

الخاتمة

خلاصة القول فانه مع استمرار اتساع استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار للأغراض العســـــــكرية والتجارية ، فان الطلب على الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة سينمو في السنوات القادمة، وســــــــوف يستـــــــــمر الاستثمار في هذا الحقل سعياً لمعالجة العديد من المعاضل والتحديات التي برزت نتيجة التطور السريع في تكنولوجيات الطائرات المســـــــــيرة بدون طيار والتي باتت تشكل تهديدا" خطيرا" للعديد من الدول في العالم وفي نفس الوقت فان استـــــــــخداماتها التجارية دفعت العديد من الدول والشركات الى التوسع السريع في تطوير تقنياتها واستخداماتها التجارية.

لواء متقاعد

{ مستشار المركز الأوربي لدراسات مكافحة الارهاب