هذيان

أستيقضت في منتصف الليل و صوت يجول في رأسي يقودني لتلك الغرفة ...غرفة امي المتوفاة اصبحت عادتي كل ليلة في نفس الوقت اذهب اجلس في سريرها وانضر مطولا في مرأتها اسرح شعري كما كانت تفعل ... كانت امرأة جميلة بعيون عربية واسعة وقوام ممشوق شعر كسواد ليلة معتمة سمراء تشرق الشمس من وجهها ...اخذت اسرح شعري الذي ورثت جماله منها واذ بي ارى امراءة صبغ الشيب شعرها واعتلتها التجاعيد كما يعتلي الفارس جواده ابتسمت لوحت لي واختفت ..نعم ربما هي امي جلست يومها قرب المرآة اتوق لرؤيتها ولو لمرة واحدة باغتني النعاس ولم تأتي سأعود في الغد ربما القاها ..ومضت الايام وانا اجالس المرآة في نفس الوقت علها تعود لأحدثها عني كم عانت روحي بدون روحها ....كانت رؤيتها قدرا ....قد يلوح لك القدر بنور من خلف الزجاج عليك ان تتخطى الزجاج لكي تصل..... لكن ماذا لو كانت تلك المرآة قد صُنعت من محاولاتك الفاشلة وهروبك الدائم ماذا لو كانت سيناريوا لتلك اللحضات السابقه في كل مره تتقرب بها من شتات النور تبدأ الذاكره وتعيد نفسها امامك في اعتقادي عليك ان تصرخ تصرخ حتى تكسر الحاجز الذي في داخلك اولا وبعدها ربما تستتطيع ان تتخطى جميع تلك العقبات التي اوهمت نفسك بها على انها اكذوبه صادقه حيث تسير بأيادي متدلية باحث عن كل تلك الاحلام التي عجزت ان تلتقي بها في احد الأيام، لكن ماذا عن تلك العالقة على لسان الايام؟

...التقيتُها من جديد بعد كل تلك السنوات، بعد حياة كاملة، سألتها فوراً " لماذا تبكين "؟! . لم ترد "!! 

والحق أنها لم تكن تبكي، كانت تبتسم لي، لكن العمر شوه قسماتها حتى تعذّر على الفرح أن ينفذ إلى وجهها 

تلاشا كل ما حولي واكتسا بالبياض لم يبقى شئ سوى تلك المرآة ....دققت النضر جيدا رغم تجاعيدها كانت حيوية اكثر مني تنضر بعمق وكأنها تراني ولاتسمعني ...صمتت لبرهة ثم قالت منذ رحيلك يابنتي وانا انضر لتلك المرآة لعلي اشبع نفسي من ملامحي التي اهديتك اياها فقد فقدت كل شئ في ذلك الحريق ...واخيرا ختمت كلامها 

كُل من لم يمت شاباً يندم على ذلك عاجلاً أو اجلا

اصبت بدوار شديد واخذت اترنح..... الغرفة البيضاء تبتلعني واخيرا اطفئ عالمي كأي تلفاز قديم ..

صفا احسان علوان - الديوانية