الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تحرير الشام واخوان مصر إختلافات

بواسطة azzaman

تحرير الشام واخوان مصر إختلافات

عبد المنعم الاعسم

 

نشر عددٌ من متابعي الاحداث السورية قراءات حدثية لمآل سيطرة «هيئة تحرير الشام» على السلطة في دمشق والسقوط المدوي لدكتاتورية الاسد، تضمنت التوقع (والتحذير من) تكرار تجربة اخوان مصر العام 2012 ، وهي قراءة (في رأيي) لا علمية ولا تأخذ خصوصيات المرحلة بعين الاعتبار، الامر الذي يعكس عجلة تلك القراءات، وقد تنزلق الى الترحم الاستباقي على عهد بشار البغيض، في حين تقع تحت الرصد جملة من الحقائق على الارض تفيد في استبعاد السيناريو الاخواني المصري في الحال السوري:

1-كان عمر حزب اخوان مصر حين وصل الى السلطة حوالي 90 عاما ولديه تجارب هائلة في التعامل مع الحكومات والشارع، ويتمتع بقاعدة حزبية منضبطة وجماهيرية غفيرة، فيما تشكلت هيئة تحرير الشام من انشقاقات عن القاعدة، ثم تنظيم داعش، وخاضت صراعات فئوية ضارية ضد شركائها في «التطرف الديني» قبل ان تقود حركة اسقاط نظام البعث.

2-وصل اخوان مصر الى السلطة العام 2012 بواسطة انتخابات تشريعية ورئاسية عامة شارك فيها منافسون وجرى الاعتراف الدولي بنتائجها، حيث اضرمت مخاوف ومقاومة في الوسطين الثقافي والعسكري فضلا عن اتباع الديانات والنخب المجتمعية، فيما وصلت الهيئة الى حكم سورية عن طريق عملية مسلحة حظيت بترحيب ملايين السوريين ولم تواجه اية  مقاومة حتى من جيش وحكومة وحزب نظام بشار.

3- بعد اسبوع من وصول محمد مرسي الى الرئاسة خطب في انصاره معلنا «ان القرآن سيكون دستور الدولة» ثم ادلى بسلسة تصريحات استفزت الشارع المصري وأسست لبيئة حرب اهلية طاحنة، فيما تجنبت الهيئة السورية التبشير باقامة دولة اصولية ووجهت رسائل تطمين متوالية الى المسيحيين والعلويين والدروز والمدنيين وحتى الى كبار موظفي حكومة بشار.

4-التصريحات النارية الاستئصالية والعقابية التي اطلقها اخوان مصر ومحمد مرسي بعد القبض على السلطة، استُبعدت عن تصريحات قائد الهيئة احمد الشرع وفريقه في قيادة الفصائل، وحل محلها خطاب تطميني يتسم بالدبلوماسية والاعتدال

5-الداعمان، القطري والتركي، يحذران الفصائل الماسكة بالسلطة في سورية من سلوك التطرف وينصحان بالانفتاح على المجتمع السوري ومكوناته المختلفة، خلاف دوورهما الداعم والمشجع لأخوان مصر في سياسة التطرف الديني.

6-ان توازن القوى في المنطقة العام 2013 حيث وصل الاخوان الى حكم مصر كان يفسح في المجال لأقامة نظام اصولي في المنطقة التي تشهد عصيانات  ارهابية عديدة (الجزائر. اليمن. العراق. ليبيا..) في حين انقلب هذا التوازن تماما غداة اطاحة دكتاتورية الاسد على يد هيئة تحرير الشام، وحل محله توازن جديد ليس في صالح الجماعات القتالية.

7-لا يمكن، من وجهة نظري، استبعاد انقلاب سلطة هيئة تحرير الشام الى التطرف الديني، او إندلاع الصراعات في اجنحتها، كما لا يصح اسقاط الامكانية المتنامية للعبور الى نوع من السلام الاهلي بفعل الزخم الشعبي المدني، وهي احتمالات واردة، ويغامر من ينظر الى مستقبل سوريا الآن على ضوء تجربة اخرى، او تنميط الاحداث المتوقعة على قياسات مقتبسة من احداث أخرى في مكان أخر.

 

 


مشاهدات 201
الكاتب عبد المنعم الاعسم
أضيف 2024/12/23 - 4:51 PM
آخر تحديث 2024/12/27 - 6:14 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 75 الشهر 12072 الكلي 10068167
الوقت الآن
السبت 2024/12/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير